الكفر، لأن الفقهاء اتفقوا على ذلك، وإنما الخلاف بيننا وبينهم في غير هذين الموضوعين.
(فصل) وإذا غلب على ظنه عدم زوال المنكر وبقاؤه على ذلك، فهل يجب عليه إنكاره، أم لا؟ على روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله:
إحداهما: يجب لجواز أن يرتدع وينجز، ويرق قلبه، ويلحقه التوفيق والهداية ببركة صدقه، فيرجع عما هو عليه، والظن لا يمنع من جواز إنكاره.
والرواية الأخرى: لا يجب عليه إنكاره حتى يغلب على ظنه زواله، لأن القصد بالإنكار زوال المنكر، فإذا قوى في الظن بقاؤه كان تركه أولى.
(فصل) فإذا ثبت وجوب الإنكار، فالمنكرون ثلاثة أقسام:
قسم: يكون إنكارهم باليد، وهم الأئمة والسلاطين.
والقسم الثاني: إنكارهم باللسان دون اليد، وهم العلماء.
والقسم الثالث: إنكارهم بالقلب، وهم العامة.
وقد جاء في هذا المعنى حديث، وهو ما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إذا رأى أحد منكم منكرًا فليغيره بيده، فإنه لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).
يعني: أضعف فعل أهل الإيمان.
وقد روى عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنه قال:
((إذا رأى أحد منكم منكرًا لا يستطيع النكير عليه فليقل ثلاث مرات: اللهم إن هذا منكر فأزله، فإذا قال ذلك كان له ثواب من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر)).
(فصل) ويشترط في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر خمس شرائط:
أولها: أن يكون عالمًا بما يأمر وينهي.
والثاني: أن يكون قصده وجه الله، وإعزاز دين الله، وإعلاء كلمته، وإظهار طاعته، دون الرياء والسمعة والحمية لنفسه، وإنما ينصر ويوثق ويزول به المنكر إذا كان صادقًا