للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(فصل) واختلفوا في تسمية يوم التروية]

والتروية: اسم اليوم الثامن من شهر ذي الحجة وهو اليوم الذي يخرج الناس فيه من مكة إلى منى، فسمى يوم التروية لأن الناس يروون من ماء زمزم.

والتروية: تفعلة من قولهم ارتوى يرتوى: إذا استقى الماء وسقى وشرب واغتسل، والناس يسقون من ماء زمزم في ذلك اليوم مستكثرين.

وقيل: سميت التروية لأن إبراهيم -عليه السلام -رأى في المنام في ليلتها أنه يذبح ولده، فلما أصبح تروى وتفكر أنه من العدو الشيطان، أم من الحبيب الرحمن؟ فبقى ذلك اليوم متفكرًا، ذا روية فيما رآه، فلما كان يوم عرفة قيل له. افعل ما تؤمر به، فعرف أنه من الحبيب، فلهذا سمى يوم عرفة.

قوله -عز وجل -: {وأذن فى الناس بالحج} [الحج: ٢٧] أمر خليله بدعوة عباده إلى بيته.

فالدعوات أربعة:

دعوة الله لعبادة، قال الله -عز وجل -: {والله يدعو إلى دار السلام} [يونس: ٢٥] دعاهم من دار التكليف إلى دار التشريف، من دار الغيبة إلى دار المشاهدة، ومن دار الروال إلى دار النوال، ومن دار البلوى إلى دار المولى، دعاهم من دار أولها بكاء ووسطها عناء وآخرها فناء إلى دار أولها عطاء ووسطها رضاء وآخرها لقاء.

والثانية: دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم -دعا أمته إلى دين الإسلام، قوله -عز وجل -: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: ١٢٥] الدعوة إليه -صلى الله عليه وسلم -والهداية ليست إليه كما قال -عليه الصلاة والسلام -: "بعثت هاديًا وليس إلى من الهداية شيء، وبعث إبليس غاويًا، وليس إليه من الضلالة شيء".

قاله الله -عز وجل -: {إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء} [القصص: ٥٦].

سأل النبي -صلى الله عليه وسلم -هداية عمه أبى طالب، فأبى أن يهديه، وهدى وحشيًا قاتل حمزة -رضي الله عنهما -، كأنه -عز وجل -يقول لنبيه -عليه السلام -: يا محمد عليك الدعوة كما قال -عز وجل -: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك} [المائدة: ٦٧]، وقال تعالى: {إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا * وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا} [الأحزاب: ٤٥ - ٤٦]،

<<  <  ج: ص:  >  >>