للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قوم وهو بحكم فينبغي أني وافقهم على ما هم عليه.

ولا ينبغي أن يرفع صوته بين الفقراء بتسبيحه وقراءته بل يخفي ذلك عنهم ويستتر به أو ينقل ذلك إلى تفكر واعتبار عبادة باطنة، وإن كان من الخواص ذوي الأسرار فلا كلفة عليه في ذلك، لأن ربه يتولاه ويهيئ له ويأمره وينهاه في ذلك، ويسخر له قلوب الجماعة ويعطفها عليه ويملؤها من حبه تارة وهيبته واحترامه أخرى.

وكذلك لا ينبغي أن يرفع صوته بغير ذلك من الكلام بينهم، وإذا كان بين قوم فينبغي ألا يسار أحدًا دونهم، ولا يتكلم بين الفقراء بشيء من حديث الدنيا والمأكولات ما أمكنه.

ومن شرطه أيضًا ألا يكتب بين الفقراء شيئًا ما أمكنه ووجد من ذلك بدًا، بل يشتغل بالعمل المكتوب ومراقبة قلبه وحفظ حاله والتفكر فيهما، ولا يكثر من النوافل بين أيديهم، وإذا صام الجماعة وافقهم في ذلك، وكذلك إذا أفطر وافقهم في ذلك، ولا ينفرد عنهم بالصوم، ولا ينام بين الفقراء وهم أيقاظ، إلا أن يغلب عليه النوم، فيتفرد عنهم ويضطجع بقدر ما تنكسر فورته.

ولا ينبغي له أن يتقدم بمشيئة شيء واختياره على الفقراء إذا أمكنه، وإن طالبه الفقير بشيء فلا يرده ولو بقليل، ولا يؤذي قلبه بطول الانتظار، وإذا شاوره أحد فلا يعجل عليه بالجواب فيقطع عليه كلامه، بل يمهله حتى ينهي جميع ما في قلبه، ولا يجيبه بالرد والإنكار، فإذا فرغ من ذلك ورآه غير صواب قابله أولاً بالموافقة، وقال: هذا وجه، ثم يبين له ما هو أصوب منه عنده برفق لا بمخاشنة ووحشة.

ومن آدابهم ألا يمدحوا الطعام حال الأكل ولا يذموه.

* * *

[(فصل: في آدابهم مع الأهل والولد)]

من ذلك حسن الخلق والإنفاق عليهم بالمعروف بما أمكنه، وإذا ملك في اليوم ما يكفيه ليومه فلا يحبس شيئًا لغد، وله إلى ذلك القدر حاجة في الحال، فإن فضل من ذلك شيء فليدخره لغد للعيال لا لنفسه، فلا يأكل إلا تبعًا لهم، بل يكون كالوكيل والخادم لعياله والمملوك مع سيده، ويعتقد بخدمته عياله والكد عليهم والقيام بمصالحهم أداء أمر الله وطاعته، وليعزل خدمة نفسه من الوسط، ويؤثر عياله على نفسه، وإذا أكل

<<  <  ج: ص:  >  >>