الحرام من باب بنى سهم بن عمرو بن هصيص والناس من قريش جلوس في المسجد، فمضى النبي -صلى الله عليه وسلم -فسلم ولم يجلس حتى خرج من باب الصفا، فنظروا إليه حين خرج ولم يروه حين دخل، فلم يغرفوه، فتلقاه العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سعد بن سهم على باب الصفا وهو يدخل والنبي -صلى الله عليه وسلم -يخرج، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم -توفى ابنه عبد الله ابن محمد، وكان الرجل إذا مات ولم يكن له منه من بعده ابن يرثه يسمى الأبتر، فلما انتهى العاص بن وائل إلى القوم، فقالوا له: من ذا الذي تلقاك، فقال: الأبتر، فنزل قوله -عز وجل -: {إن شانئك} يعنى عدوك ومبغضك {هو الأبتر} يعنى مقطوع من الخير الذي هو العاص بن وائل، وأما أنت يا محمد فستذكر معي إذا ذكرت، فرفع الله -عز وجل -ذكره -عليه السلام -في الناس عامة.
قال الله تعالى:{ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك}[الشرح: ١ - ٤] فيذكر -صلى الله عليه وسلم -في كل عيد وجمعة على المنابر والمساجد والأذان والإقامة والصلاة وكل موطن، حتى في خطبة النكاح وخطبة الكلام وفي الحاجات -صلى الله عليه وسلم -، وجعل مأواه الفردوس الأعلى وما ضره قول شانئه وعدوه، وجعل مأوى العاص بن وائل النار، وأنواع العذاب والنكال لقوله للنبي -صلى الله عليه وسلم -ذلك، وكفره بالله -عز وجل -، فهكذا يجازى الله -عز وجل -كل محب النبي -صلى الله عليه وسلم -من المؤمنين من أمته بالجنة، ومبغضه -عليه السلام -من المنافقين والكفار بالنار.
[(فصل) فأما الذكر]
فقوله -عز وجل -: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرًا كثيرًا}[الأحزاب: ٤١].