معصيته، أعوذ به من هيبته عند شدة بطشه في يوم القيامة للطاغين من بريته، وأعوذ به من كشف الغطاء والستر والتيهان في معصيته في البر والبحر، ونسيان الأصل والفرع، والميل إلى الزيغ والرعونة والخيلاء والكبر، وترك الطاعة والقربة والبر والتعالي عليه، والأيمان الكاذبة، والحنث دون البر، وخاتمة السوء والإفلاس من كل خير، والموافاة عند حضور المنية بالشر.
(فصل) ومجاهدة الشيطان باطنة وهي بالقلب والجنان والإيمان، فإذا جاهدته كان مددك الرحمن، ومعتمدك الملك الديان، ورجاؤك رؤية وجه الجليل المنان.
وجهاد الكفار جهاد ظاهر بالسيوف والرماح، ومددك فيه الملك والأعوان، ورجاؤك فيه دخول الجنان.
فإذا قتلت في مجاهدة الكفار كان جزاؤك الخلود في دار البقاء، وإن قتلت في مجاهدة الشيطان ومخالفتك إياه بفناء أجلك واخترام منيتك كان جزاؤك رؤية وجه رب العالمين عند اللقاء، فإن قتلك الكافر كنت شهيدًا، وإن قتلك الشيطان بمتابعتك إياه، والانقياد لأمره كنت من قرب الملك الجبار طريدًا، فجهاد الكفار له نهاية وفناء، وجهاد الشيطان والنفس لا غاية له ولا منتهى.
قال الله جل وعلا:{واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}[الحجر: ٩٩] يعني الموت واللقاء.
فالعبادة بمخالفة الشيطان والهوى، قال الله -عز وجل-: {فكبكوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أجمعون}[الشعراء: ٩٤ - ٩٥].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- حين رجع من غزوة تبوك:«رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر».
عني به -صلى الله عليه وسلم- مجاهدة الشيطان والنفس والهوى لمداومتها وطول ممارستها وخطرها والخوف من سوء خاتمتها.