(فصل) ويستحب إذا خرج المؤمن إلى صلاة العيد في طريق أن يرجع في طريق أخرى.
لما روى ابن عمر -رضي الله عنهما -أن النبي -صلى الله عليه وسلم -أخذ يوم العيد في طريق ورجع في آخر.
وفي حديث آخر أنه كان يخرج في طريق ويرجع في طريق آخر، فاختلف الناس في ذلك، فقال أكثرهم: إنما أراد بذلك اختلاف حرز المشركين لعسكره، فخالف بين الطريقين ليختلف الحرز.
وقال آخرون: إنما قصد بذلك الاختصار في الرجوع كأنه سلك الطريق الأطول في الممر لكثرة الحسنات ورجع في الأقصر.
وقال آخرون: لما مضى في طريق شهدت له الأرض، ثم رجع في طريق آخر لتشهد له الأرض الثانية.
وقيل: إنه -عليه السلام -مضى على حي من الأحياء ثم رجع على غيرهم ليساوى بينهم في الإكرام، لأن رؤيته -عليه السلام -كانت رحمة، قال الله تعالى:{وما أرسلناك إل رحمة للعالمين}[الأنبياء: ١٠٧].
وقيل: إن الأرض تفتخر بوطء النبي -صلى الله عليه وسلم -وغيره من الأنبياء والأولياء وسعيهم عليها، فأراد أن يساوى بين البقعتين لكي لا تفتخر بعضها على بعض.
وقيل: إنه -عليه السلام -كان قد سلك إلى المصلى من طريق وقصده الحقيقة إلى الله تعالى، ثم أراد الرجوع إلى الأهل والوطن والطين والماء المعروف المعهود، فكره أن يسلك إلى الله تعالى طريقًا ثم يسلكه إلى غيره، فرجع من طريق آخر.
وقيل: إنه -عليه السلام -لو لم يرجع في طريق آخر لوجب على الناس الاستنان به -عليه السلام -، وتعذر عليهم التفرق بعد صلاة العيد إلى منازلهم، فأراد أن يبين التوسعة عليهم في الرجوع في أي طريق شاءوا.
وقيل: إنه -صلى الله عليه وسلم -فزع من مكيدة الكفار والمنافقين.
وقيل: إنه كان يتصدق على من كان معه، فكان يرجع في طريق آخر حتى تتوفر