(فصل) ويعتقد أهل السنة أن لله تعالى ميزانًا يزن فيه الحسنات والسيئات يوم القيامة، له كفتان ولسان.
وقد أنكرت المعتزلة مع المرجئة والخوارج ذلك، فقال: إن معنى الميزان: العدل دون موازنة الأعمال، وفي كتاب الله وسنة رسوله تكذيبهم، قال الله تعالى:{ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئًا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}[الأنبياء: ٤٧]، وقال تعالى:{فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية * وأما من خفت موازينه * فأمه هاوية}[القارعة: ٦ - ٩].
والعدل لا يوصف بالخفة والثقل، وإنما هو بيد الرحمن جل جلاله؛ لأنه هو الذي يتولى حسابهم، لما روى النواس بن سمعان الكلابي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:«الميزان بيد الرحمن -عز وجل-، يرفع أقوامًا ويضع آخرين يوم القيامة».
وقيل إنه بيد جبرائيل -عليه السلام- لما روى عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- قال: إن جبرائيل -عليه السلام- صاحب الميزان، فيقول له ربه زن يا جبريل بينهم فيرجح بعضهم على بعض.
وروى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يوضع الميزان يوم القيامة، فيؤتى بالرجل فيوضع في كفة الميزان، ويوضع ما أحصى من عمله في كفة، فيميل به الميزان، فيبعث الله به إلى النار فإذا أدبر به إذا صائح يصيح من عند الرحمن: لا تعجلوا لا تعجلوا، فإنه قد بقى له، فيؤتى بشيء فيه لا إله إلا الله فيوضع مع الرجل في كفة حسناته حتى يميل به الميزان، فيؤمر به إلى الجنة».
وفي حديث آخر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إنه يؤتى بالرجل يوم القيامة إلى الميزان ثم يؤتى بتسعة وتسعين سجلًا كل سجل مد البصر فيها كلها سيئاته وخطيئاته فترجح سيئاته على حسناته فيؤمر به إلى النار، فإذا أدبر به إذا صائح يصيح من عند الرحمن لا تعجلوا لا تعجلوا فقد بقى له، فيؤتى بمثل رأس الإبهام، وأمسك على النصف منها،