وقال الشعبي -رحمه الله -: لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه، فيقال من شعبان ويقال من رمضان، وذلك أن النصارى فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا، فحولوه إلى الفصل، وذلك أنهم كانوا ربما صاموا في القيظ فعدوا ثلاثين يومًا، ثم جاء بعدهم قرن منهم فأخذوا بالثقة في أنفسهم، فصاموا قبل الثلاثين يومًا وبعدها يومًا، ثم لم يزل الآخر يستن بسنة القرن الذي قبله حتى صاروا إلى خمسين يومًا، فذلك قوله -عز وجل -: {كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}[البقرة: ١٨٣] يعني لكي تتقوا الأكل والشرب والجماع.
وقال أهل التفسير أيضًا: فرض الله تعالى على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم -وعلى المؤمنين صوم يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر حين قدم المدينة، فكانوا يصومونها، إلى أن نزل صيام شهر رمضان قبل قتال بدر بشهر وأيام، قال الله تعالى:{أيامًا معدودات}[البقرة: ١٨٤] يعني شهر رمضان ثلاثين يومًا أو تسعة وعشرين يومًا.
وروى عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص أنه سمع ابن عمر -رضي الله عنهما -يحدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال:"إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا وهكذا لتمام الثلاثين" وسمى الشهر شهرًا لشهرته، وهو مأخوذ من الشهرة وهي البياض، ومنه يقال: شهرت السيف إذا سللته وشهر الهلال إذا طلع.
[(فصل) اختلف الناس في معنى قوله رمضان]
فقال بعضهم: رمضان اسم من أسماء الله تعالى، فيقال شهر رمضان، كما يقال: شهر الله الأصم لرجب، وعبد الله.
وروى جعفر الصادق -رحمه الله -عن آبائه -رضي الله عنهم -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال:"شهر رمضان شهر الله".
وقال أنس بن مالك -رضي الله عنه -: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:"لا تقولوا رمضان بل انسبوه كما نسبه الله تعالى في القرآن، فقال: شهر رمضان".