للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرفها، وموضع حافز ذلك البرذون عند أقصى طرفه خلقت من در وياقوت، عظم كل دابة منهن سبعون ميلًا، أزمة النوق والبراذين حلق اللؤلؤ والزبرجد".

(فصل) في قوله عز وجل: {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورًا ...} [الإنسان: ١١] إلى آخر صفة أهل الجنة.

أما قوله: {فوقاه الله شر ذلك اليوم} يعني يوم القيامة يقيهم شدة الحساب وهول جهنم، إذا جئ بها في عرصات القيامة يقودها تسعة عشر خازنًا من الملائكة، مع كل خازن منهم سبعون ألف ملك أعوان له غلاظ شداد كالحة أنيابهم، أعينهم كالجمر وألوانهم كلهب النار، يفور من مناخرهم لهب ودخان عال مستعدين لأمر الجبار تبارك وتعالى، فيقودها كل خازن وأعوانه بوثاق وسلسلة عظيمة، فتارة يمشون عن يمينها وأخرى عن شمالها، ومرة من ورائها، بيد كل ملك منهم مقمع من جديد، يصيحون بها فتمشى، ولها زفير وشهيق ووعث وظلمة ودخان وقعقعة ولهب عال من شدة غضبها على أهلها، فينصبونها بين الجنة والموقف، فترفع طرفها فتنظر إلى الخلائق، ثم تجمع إليهم لتأكلهم، فتحبسها الخزنة بسلاسلها ولو تركت لأتت على كل مؤمن وكافر، فإذا رأت أنها قد حبست عن الخلائق فارت فورة شديدة كادت تميز من الغيظ، ثم شهقت الثانية فسمعت الخلائق صوت صريف أسنانها، فارتعدت عند ذلك الأفئدة، وانخلعت القلوب، وطارت الأفئدة، وشخصت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، ثم تزفر زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا أحد ممن شهد الموقف إلا جثا على ركبتيه.

ثم تزفر أخرى فلا تبقى قطرة في عين أحد إلا بدرت، ثم تزفر الثالثة فلو كان لكل آدمي أو جني عمل اثنين وسبعين نبيًا لواقعوها وظنوا أنهم لم ينجوا منها، ثم تزفر الرابعة فلا يبقى شيء إلا انقطع كلامه، ويتعلق جبريل وميكائيل وخليل الرحمن عز وجل بالعرش يقول كل واحد منهم نفسي نفسي لا أسألك غيرها، ثم ترمى بشرر كعدد نجوم السماء، عظم كل شرارة منها كالسحابة العظيمة الطالعة من المغرب، فيقع ذلك الشرر على رؤوس الخلائق.

فهذا هو الشرر الذي وعد الله المؤمنين الذين يوفون بالنذر ويخافون عذابه أن يقيهم، فالله تعالى يكفى أهل التوحيد والإيمان وأهل السنة شر ذلك اليوم، ولقاهم برحمته

<<  <  ج: ص:  >  >>