الآن حق لك، فابك ثم ابك ثم عوض لبكائه وهو أن جعل الله نبيه موسى -عليه السلام -خادمًا له عشر سنين، جزاء لما كان من بكائه على محبته، سوى ما قد ادخر له عنده من الكرامات والمنازل العاليات والقرب منه تبارك وتعالى، والنظر إلى وجهه الكريم، وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
والرابع: عشر موسى -عليه السلام -، قوله -عز وجل -: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر}[الأعراف: ١٤٢].
وذلك أن الله -عز وجل -وعد موسى -عليه السلام -المناجاة، وأعطاه التوراة، فصام موسى -عليه السلام -ثلاثين يومًا، وكان ذلك شهر ذي الحجة، وقيل: إنه شهر ذي القعدة، فلما قصد المناجاة وضع قطعة زيتون في فيه لما شاهد من تغير رائحة فمه، فقال -عز وجل -: يا موسى أما علمت أن خلوف فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك؟ ثم أمره أن يصوم عشرًا من المحرم آخرها يوم عاشوراء.
وعلى قول من قال: الشهر كان ذا القعدة، فيكون عشر ذي الحجة، ثم قربه وأكرمه بالمناجاة والقربة، قوله -عز وجل -: {ولما جاء موسى لميقاتنا}[الأعراف: ١٤٣].
والخامس: عشر نبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم -قوله تعالى:{والفجر * وليال عشر}[الفجر: ١ - ٢] يعنى عشر ذي الحجة، وقد ذكرناه.
(فصل) وقيل: من أكرم هذه الأيام العشرة أكرمه الله تعالى بعشر كرامات:
البركة في عمره، والزيادة في ماله، والحفظ لعياله، والتكفير لسيئاته، والتضعيف لحسناته، والتسهيل لسكراته، والضياء لظلماته، والتثقيل لميزانه، والنجاة من دركاته، والصعود على درجاته.
ومن تصدق في هذه الأيام العشر بصدقة على مسكين، فكأنما تصدق على أنبيائه ورسله، ومن عاد فيها مريضًا فكأنما عاد أولياء الله وبدلائه، ومن شيع جنازة فكأنما شيع جنائز شهدائه، ومن كسا مؤمنًا كساه الله تعالى من حلله، ومن لطف فيها بيتيم لطف الله تعالى به في القيامة تحت ظل عرشه، ومن حضر مجلسًا من مجالس العلم، فكأنما حضر مجالس أنبياء الله ورسوله.
وقال وهب بن منبه -رحمه الله -: إن آدم -عليه السلام -لما أهبط إلى الأرض بكى على ذنبه ستة أيام، ثم أوحى الله إليه في اليم السابع وهو محزون كظيم منكس رأسه، يا