فإذا دخل المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يأتي بركعتين ... ".
وهذا عام في يومي العيد وغيره.
وإنما نص إمامنا أحمد على منع التنفل إذا كان في المصلة، لأنه مروي من غير وجه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصل قبل ولا بعد، وهو قول عمر وعبد الله بن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم.
وصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت في المصلى في الجبانة، ولو كانت في المسجد لما كان -صلى الله عليه وسلم- يترك تحية المسجد.
فإن فاته جميع صلاة العيد استحب له قضاؤها وهو مخير في ذلك بين أن يصلي أربعًا كصلاة الضحى بغير تكبير، أو بتكبير كهيئتها، فيجمع أهله وأصحابه كل ذلك إليه، وله بذلك فضل كثير.
* * *
[(فصل) وأما صلاة الاستسقاء]
فسنة تقام، يخرج لها الإمام كما يخرج للعيدين ضحوة، فهي كصلاة العيدين في جميع صفاتها وموضعها وأحكامها.
ويستحب له التنظيف والتطهر من جميع الأحداث والأوساخ، غير أنه لا يستحب التطيب، لأنها حالة الافتقار والتذلل وطلب الحاجة، ولهذا يستحب الخروج إليها بثياب البللة مع الخشوع والتضرع والاستكانة والانكسار والحزن، وأن يخرج معهم الشيوخ والعجائز والصبيان وأصحاب العاهات، وأن يخرجوا من المظالم والحقوق من الغصوب وغيرها، ولله عز وجل من الزكوات والنذور والكفارات، ويكثروا الصدقة والصيام، ويجددوا التوبة، ويعزموا على المداومة عليها إلى الممات، ولا يبارزوا الرب سبحانه بكبيرة من الذنوب ولا صغيرة زيستحيوا منه عز وجل في الخلوات، إذ لا خلوة منه، فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، هو عالم بالسر والخفيات.
وكذلك يستحب أن يتوسلوا بالزهاد والصالحين وأهل العلم والفضل والدين، لما روي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خرج يستسقى، فأخذ بيد العباس -رضي الله عنه-