فاستقبل القبلة به فقال: اللهم هذا عم نبيك جئنا نتوسل به إليك فاسقنا به. قال: فما رجعوا حتى سقوا.
لأن منع القطر وحبسه عقوبة ومقابلة عن شؤم معاصي بني آدم. ولهذا "إذا مات الكافر وقبر وجاءه منكر ونكير وسألاه عن ربه ونبيه ودينه ولم يقدر على الجواب، يضربانه بمرزبة فيصيح صيحة فلا يسمعها الخلائق غير الجن والإنس، فيلعنه كل شيء حتى شاة القصاب والسكين على حلقها، فتقول: لعنة الله هذا الذي كنا نمنع القطر لأجله، وهو قوله عز وجل:{أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}[البقرة: ١٥٩] فالآدمي إذا فسد تعدى فساده إلى كل شيء من الحيوانات، وإذا صلح تعدى صلاحه إلى كل شيء، ففساده لمعصيته لربه، وصلاحه لطاعته له عز وجل.
فيصلي الإمام أو نائبه بالناس ركعتين بغير أذان ولا إقامة، يكبر في الأولى ستًا سوى تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمسًا سوى تكبيرة القيام من السجود، على ما ذكرنا في العيد، ويذكر الله عز وجل بين كل تكبيرتين كذلك، فإذا صلى خطب بهم، وإن خطب قبل الصلاة جاز في رواية، وعنه: أنه مخير في ذلك.
ونقل عنه رحمه الله أنه لا يسن لها الخطبة، وإنما يدعو فحسب، فيفعل الإمام من ذلك ما يتيسر عليه، فإذا خطب افتتحها بالتكبير كما يفعل في خطبة العيد، ويكثر الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقرأ في خطبته {فقلت استغفروا ربكم أنه كان غفارًا * يرسل السماء عليكم مدرارًا}[نوح: ١٠ - ١١].
فإذا فرغ من الخطبة استقبل القبلة، فحول رداءه فجعل على ما كان على منكبه الأيمن على الأيسر، وما على الأيسر على الأيمن ولا ينكسه، وليفعل الناس كذلك، ويتركونه حتى يرجعوا إلى أهلهم، فينزعونه مع ثيابهم، يفعلونه تفاؤلًا لتحول القحط، ولأن السنة بذلك وردت، وهو ما روي عباد بن تميم، عن عمه -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج بالناس يستسقى، فصلى بهم ركعتين، جهر بالقراءة فيهما، وحول رداءه ودعا واستسقى واستقبل القبلة".