تعالى الحجر له، فقال له: لِمَ تبكي وقد غفر الله لك؟ فقال: ذلك كان بكاء الحزن والخوف، وهذا بكاء الشكر والسرور.
وقيل: الشاكر مع المزيد، لأنه في شهود النعمة، قال الله تعالى:{لئن شكرتم لأزيدنكم}[إبراهيم:٧] والصابر مع الله لأئذ به تعالى لأنه في شهود المبلى، قال الله تعالى:{إن الله مع الصابرين}[البقرة: ١٥٣، والأنفال:٤٦].
وقيل: الحمد على الأنفاس، والشكر على نعم الحواس.
وقيل في الخبر الصحيح:"أول من يدعى إلى الجنة الحمادون لله على ما صنع".
وحكي عن بعضهم أنه قال: رأيت في بعض الأسفار شيخًا كبيرًا قد طعن في السن، فسألته عن حاله، فقال: إني كنت في ابتداء عمري أهوى ابنة عم لي، وهي كذلك كانت تهواني، فاتفق أني تزوجت بها، فليلة زفافها قلت لها: تعالي حتى نحيي هذه الليلة شكرًا لله عز وجل على ما جمعنا، فصلينا تلك اللية ولم يفرغ أحدنا إلى الآخر، فلما كانت الليلة الثانية قلنا مثل ذلك، فمنذ سبعين سنة أو ثمانين سنة ونحن على تلك الحالة كل ليلة، أليس كذلك يا فلانة؟ فقالت العجوز: هو كما قال الشيخ.
* * *
[(فصل) وأما الصبر]
فالأصل فيه قول الله عز وجل:{يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}[آل عمران: ٢٠٠].
وقوله عز وجل:{واصبر وما صبرك إلا بالله}[النمل: ١٢٧].
وما روي عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"إن الصبر عند الصدمة الأولى".
وما روي "أن رجلاً قال: يا رسول الله ذهب مالي وسقم جسمي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا خير في عبد لا يذهب ماله ولا يسقم جسمه، إن الله تعالى إذا أحب عبدًا ابتلاه، وإذا ابتلاه صبره".