للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن الرجل لتكون له الدرجة عند الله عز وجل لا يبلغها بعمله حتى يبتلي ببلاء في جسمه فيبلغها بذلك".

وما جاء في الخبر "أنه لما نزل قوله تبارك وتعالى: {من يعمل سوءًا يجز به} [النساء: ١٢٣] قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله كيف الفلاح بعد هذه الآية؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: غفر الله لك يا أبا بكر أليس تمرض؟ ألي يصيبك البلاء؟ أليس تصبر؟ أليس تحزن؟ فهذا ما تجزون به".

يعني أن جميع ما يصيبك يكون كفارة لذنوبك.

فالصبر على ثلاث أضرب:

أحدهما: صبر لله عز وجل، وهو على أداء أمره وانتهاء نهيه.

وصبر مع الله عز وجل، وهو الصبر تحت جريان قضائه وافعاله فيك من سائر الشدائد والبلايا.

وصبر على الله عز وجل، وهو الصبر على ما وعد من الرزق والفرج والكفاية والنصر والثواب في دار الآخرة.

وقيل: الصبر على قسمين:

أحدهما: صبر على ما هو كسب للعبد، وصبر على مال ليس بكسب له.

فالصبر على الكسب ينقسم على قسمين، أحدهما: على ما أمر الله به عز وجل، والثاني على ما نهاه عز وجل عنه.

وأما الصبر على ما ليس بكسب للعبد: فصبره على مقاساة ما يتصل به من حكم الله وقضائه فيما له فيه مشقة وألم في القلب والجسد.

وقيل: الصابرون ثلاثة: متصبر، وصابر، وصبار.

وقيل: وقف رجل على الشبلي رحمه الله تعالى فقال له: أي الصبر أشد على الصابرين؟ قال: الصبر في الله، فقال: لا، فقال: الصبر لله، قال: لا، قال: الصبر مع الله، قال: لا، قال: فأيش؟ قال: الصبر على الله، فصرخ الشبلي صرخة كادت روحه تتلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>