للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سفيان بن عيينة -رحمه الله -: بلغنا أن الله -عز وجل -قال: أعطيت عبادي ما لو أعطيته جبريل وميكائيل كنت قد أجزلت لهما، قلت: اذكروني أذكركم، وقلت لموسى: قل للظلمة لا يذكروني فإني أذكر من ذكرني، وإن ذكرى إياهم أن ألعنهم.

وقال أبو عثمان النهدى -رحمه الله -: إني أعلم حين يذكرني ربي، قيل: كيف ذلك؟ فقال: إن الله -عز وجل -قال: {فاذكرونى أذكركم} [البقرة: ١٥٢] فإذا ذكرت الله ذكرنى.

وقيل: أوحى الله -عز وجل -إلى داود -عليه السلام -: يا داود بي فافرحوا، وبذكري فتنعموا.

وقال الثورى -رحمه الله -: لكل شيء عقوبة، وعقوبة العارف انقطاعه عن الذكر.

وقيل: إذا تمكن الذكر من القلب فإذا دنا منه الشيطان صرع كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان، فيقولون: ما لهذا؟ فيقال: قد مسه الإنس.

وقال سهل بن عبد الله -رحمه الله -: ما أعرف معصية أقبح من نسيان هذا الرب الكريم.

وقيل: الذكر الخفي لا يرفعه الملك لأنه لا اطلاع له عليه، فهو سر بين العبد وبين الله تعالى.

وقال بعضهم: وصف لي ذاكر في الأجمة فأتيته، فبينما هو جالس وإذا سبع عظيم ضربه ضربة ونهش منه قطعة، فغشى عليه وعلى، فلما أفقت قلت له: ما هذا؟ فقال: قيض الله على هذا السبع فكلما دخلتنى فترة عن ذكرى جاءني فعضني كما رأيت.

[(فصل) وأما الدعاء]

فقوله -عز وجل -: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [غافر: ٦٠]

وقوله تعالى: {فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب} [الشرح: ٧ - ٨] أي إذا فرغت من صلاتك فانصب للدعاء له تبارك وتعالى.

وقوله -عز وجل -: {وإذا سالك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} [البقرة: ١٨٦].

اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية.

فروى الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس -رضي الله عنهما -أنه قال: "سألت يهود أهل المدينة النبي -صلى الله عليه وسلم -كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>