خمسمائة عام، وأن غلظ كل سماء مثل ذلك؟ فنزلت هذه الآية: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} [البقرة: ١٨٦].
وقال الحسن -رحمه الله -: سأل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: أين ربنا؟ فأنزل الله هذه الآية.
وقال عطاء وقتادة -رحمهما الله -: لما نزلت هذه الآية: {وقال ربكم ادعونى أستجب لكم} [غافر: ٦] قال رجل: يا رسول الله كيف ندعو ربنا ومتى ندعوه؟ فأنزل الله هذه الآية: {وإذا سألك عبادى عني فإني قريب}.
وقال الضحاك -رحمه الله -: سأل بعض الصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: قريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله هذه الآية: {وإذا سألك} يا محمد {عبادى عني فإني قريب}.
قال أهل المعاني: فيه إضمار كأنه قال: فقل لهم أو فأعلمهم أنى قريب منهم بالعلم.
وقال أهل الإشارة: رفع الواسطة إظهار للقدرة.
قوله: {أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجبوا لى} [البقرة: ١٨٦] أي فليستجيبوا لي بالطاعة، يقال: أجاب واستجاب بمعنى واحد.
وقال أبو رجاء الخرساني -رحمه الله -: يعنى فليدعوني.
والإجابة في اللغة الطاعة وإعطاء ما سئل، يقال: أجابت السماء بالمطر وأجابت الأرض بالنبات: أي سئلت السماء المطر فأعطت، وسئلت الأرض النبات فأعطت.
والإجابة من الله -عز وجل -: هو الإعطاء ومن العبد الطاعة.
قوله: {وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون} [البقرة: ١٨٦] أي لكى يهتدوا.
فإن سأل سائل عن قوله: {أجيب دعوة الداع إذا دعان} وقوله: {ادعونى أستجب لكم} وقال: قد نرى كثيرًا من خلق الله تعالى يدعون فلا يجاب لهم:
قيل: اختلف أهل العلم في وجه الآيتين وتأويلهما.
فقال بعضهم: معنى الدعاء هاهنا: الطاعة، ومعنى الإجابة: الثواب كأنه قال -عز وجل -: أجيب دعوة الداع بالثواب إذا أطاعني.