[[مجلس] في ذكر يوم الفطر]
قال الله تعالى: {قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى} [الأعلى: ١٤ - ١٥].
قوله: {قد أفلح} فالفلاح على وجهين:
أحدهما: الفوز والنجاة من النيران في العقبى ومن الآفات والبلايا في الدنيا.
والثاني: اليمن والسعادة بالتوفيق للطاعة في الدنيا والخلود في الجنان في الأخرى، قال الله -عز وجل -: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون: ١] يعنى سعدوا، ونظيره {قد أفلح من تزكى} [الأعلى: ١٤] أي وفق للزكاة، وتطهيره إيمانه وتقواه من الآثام، وأما من لم يزك فلا فلاح له قاله الله -عز وجل -: {إنه لا يفلح المجرمون} [يونس: ١٧] أي لا يفوزوا ولا يسعدوا.
وأما قوله: {من تزكى} فقد اختلف في ذلك:
فقال ابن عباس -رضي الله عنهما -: يعنى من تطهر من الشرك بالإيمان.
وقال الحسن -رحمه الله -: {من تزكى} يعنى من كان صالحًا وعمله زاكيًا ناميًا.
وقال أبو الأحوص: عنى به -عز وجل -زكاة الأموال كلها.
وقال قتادة وعطاء -رحمهما الله -: أراد به زكاة الفطر لا غير.
وقوله: {وذكر اسم ربه فصلى} قد اختلف في ذلك أيضًا:
فقال ابن عباس -رضي الله عنهما -: معناه وحد الله تعالى وصلى الصلوات الخمس.
وقال أبو سعيد الخدرى -رضي الله عنه -: {ذكر اسم ربه} بالتكبير و {صلى} يعنى خرج إلى العيد فصلى.
وقال وكيع بن الجراح -رحمه الله -: زكاة الفطر لرمضان كسجدة السهو للصلاة.
وفرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم -زكاة الفطر طهرة للصائم من الرفث فكأنها جبران للصائم لما دخله من النقصان بالآثام من اللغو والرفث والكذب والغيبة والنميمة وأكل الشبهات والنظر إلى المستحسنات، فجعلت الفطرة مكفرة لها ومتممة للصيام جابرة له، كالتوبة للذنوب والاستغفار لها، والسجود للسهو، فكما أن السجود للسهو شرع ترغيمًا