نقول: أما معرفة الصانع عز وجل بالآيات والدلالات على وجه الاختصار، فهي:
أن يعرف ويتيقن أن الله واحد أحد فرد صمد، {لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوًا أحد}[الإخلاص: ٣ - ٤]، {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}[الشورى: ١١] لا شبيه له ولا نظير، ولا عون ولا ظهير، ولا شريك ولا وزير، ولا ند ولا مشير، ليس بجسم فيمس، ولا بجوهر فيحس، ولا عرض فيقضى، ولا ذي تركيب أو آلة وتأليف، أو ماهية وتحديد.
وهو الله للسماء رافع، وللأرض واضع، لا طبيعة له من الطبائع، ولا طالع له من الطوالع، ولا ظلمة تظهر، ولا نور يزهر، حاضر الأشياء علمًا، شاهد لها من غير مماسة، قاهر حاكم قادر، راحم غافر، ساتر معز ناصر، رؤوف خالق فاطر، أول آخر، ظاهر باطن، فرد معبود، حي لا يموت، أزلي لا يفوت، أبدي الملكوت سرمدي الجبروت، قيوم لا ينام، عزيز لا يضام، منيع لا يرام، له الأسماء العظام والمواهب الجسام، قضى بالفناء على جميع الأنام فقال:{كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}[الرحمن: ٢٦ - ٢٧].
وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء، {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}[فاطر: ١٠].
{يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرض إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون}[السجدة: ٥].
خلق الخلائق وأفعالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم، لا مقدم لما أخر، ولا مؤخر لما قدم، أراد ما العالم فاعلوه، ولو عصمهم لما خالفوه، ولو شاء أن يطيعوه جميعًا لأطاعوه، يعلم السر وأخفى، عليم بذات الصدور، {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}[الملك: ١٤].
هو المحرك، هو المسكن، لما تتصوره الأوهام ولا تقدره الأذهان، ولا يقاس بالناس،