وأكثر ما يكون مذهبهم بالمشرق ونواحي خراسان.
* * *
* (فصل) في ذكر مقالة المعتزلة والقدرية:
وإنما سموا المعتزلة لاعتزالهم الحق، وقيل لاعتزالهم أقاويل المسلمين، لأن الناس كانوا مختلفين في مرتكب الكبيرة.
فقال بعضهم: هم مؤمنون بما معهم من الإيمان، وقال بعضهم: هم كافرون، فأحدث واصل بن عطاء قولًا ثالثًا وفارق المسلمين واعتزل المؤمنين فقال: ما هم بمؤمنين ولا كافرين فسموا بذلك المعتزلة.
وقيل: إنما سموا بذلك، لاعتزالهم مجلس الحسن البصري -رحمه الله-، فمر الحسن بهم وقال: هؤلاء معتزلة فلقبوا بذلك.
وهم يقتدون بعمرو بن عبيد، ولما غضب الحسن البصري على عمرو بن عبيد عوتب في ذلك، فقال: أتعاتبونني في رجل رأيته يسجد للشمس من دون الله في المقام؟
وسموا أيضًا قدرية لردهم قضاء الله -عز وجل- وقدره في معاصي العباد، وإتيانهم بها بأنفسهم.
ومذهب المعتزلة والجهمية والقدرية في نفي الصفات واحد، وقد ذكرنا بعض مذاهبهم في الاعتقاد.
ومؤلفوا كتبهم: أبو الهذيل، وجعفر بن حرب، الخياط، الكعبي، أبو هاشم، أبو عبد الله البصري، عبد الله الجبار بن أحمد الهمداني.
وأكثر ما يكون مذهبهم بالعسكر والأهواز وجهرم.
وهم ست فرق: الهذلية، النظامية، المعمرية، الجبائية، الكعبية، والبهشمية.
والذي اجتمعت عليه فرق المعتزلة نفي الصفات جميعها.
فنفت أن يكون له -عز وجل- علم وقدرة وحياة وسمع وبصر.
وكذلك نفي الصفات المثبتة بالسمع، من الاستواء والنزول وغير ذلك.
واجتمعت أيضًا على أن كلام الله محدث، وإرادته محدثة، وأنه تعالى تكلم بكلام خلقه في غيره، ويريد بإرادة محدثة، لا في محل، وأنه تعالى يريد خلاف معلومه، ويريد من عباده ما لا يكون، ويكون ما لا يريد، وأنه تعالى لا يقدر على مقدورات غيره، بل يستحيل ذلك.