طاعته ومراقبة حاله، فإذا عرض عن ذلك واشتغل بحاله كان سليمًا، فإن كانت مقسومة ثم حضرت اشتهاها وتناولها وشكر الله تعالى ولا يجعل الأكل همه ويعلق قلبه به ويجعله حديثه، بل يمهد مع نفسه بأنها مريضة، ومن حالها الاحتماء عن الطعام والشراب والشهوات حتى يبرأ المرض فالمرض هواها وإرادتها ومناها، والرب عز وجل طبيبها ومداويها، فإذا بعث الطعام والشراب على يد مملوكه تناولهما وعلم أن دواءها وعافيتها في ذلك دون غيره، واشتغل بحفظ الحال والمراقبة وإخراج الأشياء من القلب والارتكان إلى شيء من الأشياء والطمأنينة إليه أبدًا في جميع حركاته وسكناته.
* * *
[(فصل: في آدابهم فيما بينهم)]
من ذلك ألا يمنع شيئًا يكون له من أصحابهم من ثيابهم وسجاداتهم وركوبهم وما يجري مجراه، ولو وطئ أحد منهم سجادته بقدمه لا يستوحش منه، ولا يضع قدمه على سجادة غيره، ولا يبسط سجادته على سجادة من هو فوقه في الرتبة، ولو مد أحد يده إلى كتفه لا يمنعه، ولا يمد هو يده إلى كتف غيره، ولا يستخدم أحدًا من الفقراء، ويخدم هو بنفسه كل أحد، ويغمز أرجل الفقراء، ولو أراد أحد أن يغمز رجله لا يمنعه، وإن دخلوا الحمام فليس في آداب الفقراء أن يمكنوا القيم من دلكهم، ولو أراد بعضهم ذلك بعض أمكنه منه ولا يمنعه، وإذا نظر فقير إلى شيء من خرقته أو سجادته أو غير ذلك فليدفعه إليه في الوقت وليؤثره به.
ولا ينبغي أن يجعل الفقراء في انتظاره عند الأكل، وكذلك في كل شيء لا يؤذي قلب أحد بأن ينتظره ما أمكنه، فإن المنتظر مستثقل، وإذا أراد أن يقدم إلى فقير طعامًا، فيجب ألا يحبسه في الانتظار، لأن الانتظار الرقة ذل.
ولا ينبغي أن يدخر شيئًا مما يمكنه، وإذا لم يكن الطعام كثيرًا فلا يأكل إلا بعد أن يفضل منهم، ويجتهد في تقديم الطعام إلى الفقراء، أن يكون أنظف ما يمكنه وأوفق لهم، وإن كان في قوم فلا ينبغي أن ينفرد عنهم بأكل شيء ولا يأخذ شيء، فإن فتح له بشيء ينبغي أن يطرحه في الوسط، وإن مرض وهو بين قوم فاحتاج إلى تخصيصه بدواء، فينبغي له أن يستأذن الجماعة في ذلك، وإذا نزل برباطه أو مدرسة وفيها شيخ أو خادم فينبغي أن يكون بحكم ذلك الشيخ، ولا يفعل شيئًا إلا باستطلاع رأيه، وإذا ورد