فهذا الحديث والآية عام في ترك طاعة كل من أمر بمعصية الله أو ترك طاعته، ومذكور ذلك عن الإمام أحمد في رواية أبي طالب في الرجل الذي ينهاه أبواه عن الصلاة في الجماعة، فقال: ليس لهما طاعة في ترك الفرض.
وأما النوافل فيجوز تركهما لطاعتهما، بل الأفضل طاعتهما.
ومن البر لهما أن تصل من وصلهما، وتهجر من هجرهما، وتغضب لهما كما تغضب لنفسك في الموت والحياة.
وإذا ثار طبعك في الغضب عليهما فاذكر تربيتهما وسهرهما وإشفاقهما وتعبهما، وقول الله تعالى:{وقل لهما قولًا كريمًا}[الإسراء: ٢٣].
فإن لم تردعك عن غيظك الرحمة لهما ولا بهما فاعلم أنك محروم مسخوط عليك فتب إلى الله تعالى إذا سكن غضبك إن كنت خالفت أمره فيهما.
ولا تسافر سفرًا ليس بواجب عليك إلا بإذنهما.
ولا تغز إلا أن يتعين عليك إلا بإذنهما.
ولا تفجعهما بنفسك، فقد نهى غيرك أن يفجعهما بك، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((لعن الله المفرق بين الوالدة وولدها)).
وإن ظفرت بطعام أو شراب فعليك بإيثارهما بأطيبه، فطالما آثراك وجاعا وأشبعاك وسهرا ونوماك. ترشد بذلك إن شاء الله تعالى.
* * *
[(فصل: فيما يستحب من الكنى والأسماء وما يكره منها)]
يمنع الإنسان أن يسمي ولده ويكنيه باسم النبي- صلى الله عليه وسلم- وكنيته، ويجوز إفراد أحدهما عن الآخر، وقد روى عن الإمام أحمد رحمه الله رواية أخرى كراهيته في الجملة، يعني الجمع والإفراد. وروى عنه الجواز في الجملة.
والدليل على جواز التسمية باسم النبي- صلى الله عليه وسلم- دون كنيته ما روى أنس بن مالك وأبو هريرة رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي)).