ثم يرفع يديه فيستقبل القبلة فيدعو بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا مريئًا هنيئًا مريعًا غدقًا مجللًا، وروى مجللًا عامًا طبقًا سحًا دائمًا، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا محق ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللهم إن بالبلاد والعباد والخلق من اللأواء والبلاء والجهد والضنك ما لا يشكي إلا إليك، اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركة السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض، اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا" ويدعو مثل ذلك: اللهم إنك أمرتنا بدعائك، ووعدتنا إجابتك، فقد دعونا كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا.
وقيل: إنه يستقبل القبلة في أثناء الخطبة ويتمها مستقبل القبلة، ثم يردفها بالدعاء: والأولى ما قلنا من أنه إذا فرغ من الخطبة استقبل القبلة، لأن الخطبة وعظ وزجر وتخويف، وذلك إنما يحصل إذا واجه الناس واستقبلهم ليبلغ إلى أسماعهم وقلوبهم، وأما إذا استقبل القبلة فقد استدبرهم وقد كان بين أيديهم حين صلى بهم.
* * *
[(فصل) وأما صلاة الكسوف]
فهي سنة مؤكدة، ووقتها من حين الكسوف إلى حين التجلي ورد نورهما إليهما، يعني إذا كسفت الشمس وخسف القمر، فمن حين يبتدئ ظهور السواد والكدر ونقصان الشعاع يدخل وقت الصلاة إلى أن يزول ذلك، فإذا زال، زال وقت الصلاة.
والسنة أن تصلي في الجامع موضع صلاة الجمعة، وينادي لها الصلاة جامعة، فيصلي بهم الإمام ركعتين، يحرم بالأولى ويستفتح ويستعيذ، ويقرأ الفاتحة، ثم يقرأ سورة البقرة، ثم يركع فيطيل الركوع، يكرر فيه التسبيح بقدر مائة آية، ثم يرفع رأسه قائلًا: سمع الله لمن حمده، ثم يقرأ الفاتحة وآل عمران، ثم يركع دون الركوع الأول، ثم يرفع رأسه كذلك، ثم يسجد سجدتين طويلتين يسبح في كل واحدة بقدر مائة آية، ثم يقوم إلى الثانية فيقرأ الفاتحة، ويقرأ سورة النساء، ثم يركع فيطيل، ثم يرفع ويقرأ الفاتحة والمائدة.