وقال آخرون: الترجيب: تكرر ذكر الله تعالى وتعظيمه، لأن الملائكة يرجبون أصواتهم فيه بالتسبيح والتحميد والتقديس لله عز وجل.
ويقال: شهر رجم بالميم أيضًا، فيكون معناه: ترجم فيه الشياطين حتى لا يؤذوا فيه المؤمنين.
فرجب ثلاثة أحرف، راء وجيم وباء.
فالراء: رحمة الله عز وجل، والجيم: جود الله تعالى، والباء: بر الله عز وجل، فمن أول هذا الشهر إلى آخره من الله عز وجل ثلاث عطايا للعباد، رحمة بلا عذاب، وجود بلا بخل، وبر بلا جفاء.
[(فصل) ولرجب أسماء أخر]
منها أنه سمى رجب مضر، ومنصل الأسنة، وشهر الله الأصم، وشهر الله الأصب، والشهر المطهر، والشهر السابق، والشهر الفرد.
أما قولهم: رجب مضر، فقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في بعض خطبه:"إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وواحد فرد وهو رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان".
وإنما عرف موضعه بقوله: بين جمادى وشعبان، إبطالًا للنسيء الذي كانت العرب تفعله في الجاهلية، وهو قوله عز وجل:{إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا}[التوبة: ٣٧] وذلك أن العرب في الجاهلية كانت إذا أرادت الصدر من منى قام رجل من بني كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة، وكان رئيس القوم، فيقول: أنا الذي أجاب ولا أعاب ولا يرد لي قضاء، فيقولون له: صدقت، أنسئنا شهرًا، يريدون: أخر عنا حرمة المحرم واجعلها في صفر، وأحل لنا المحرم.
وإنما دعاهم إلى ذلك لئلا تتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا يغيرون فيها، وقد كان معاشهم من الإغارة، فيفعل ذلك عامًا، ثم يرجع إلى تحريم المحرم، وإباحة صفر، فذلك الإنساء" ومنه قيل: نسأ الله في أجله، وأنسأ الله أجله.