{وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم} [الزمر: ٦١].
وقال الحريري رحمه الله: ما نجا من نجا إلا بمراعاة الوفاء، قال الله تعالى: {الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق} [الرعد: ٢٠].
وقال عطاء رحمه الله تعالى: ما نجا من نجا إلا بتحقيق الحياء، قال الله تعالى: {ألم يعلم بأن الله يرى} [العلق: ١٤].
قال بعضهم: ما نجا من نجا إلا بالحكم والقضاء السابق في علم الله عز وجل، قال الله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} [الأنبياء: ١٠١].
وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما نجا من نجا إلا بالإعراض عن الدنيا وأهلها، قال الله تعالى: {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو} [محمد: ٣٦].
وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وما تقرب المتقربون إلى الله بشيء أفضل من أداء ما افترض الله عليك ... ".
وقال: "منذ خلقها الله تعالى ما نظر إليها".
وقال الحسن رحمه الله تعالى: معناه ما نظر إليها بعين رحمته من مقتها فهي الحجاب العظيم، وبها يتبين الخالص من المعيب، ولا يصلح لمن بقى عليه منها شيء الوصول إلى حلاوة مناجاته سبحانه لأنها ضد الله وضد ما يحب الله.
(فصل) وقد دعا الله عز وجل خلقه إلى توحيده وطاعته بالوعد والوعيد والترغيب والترهيب، فحذر وأنذر وخوف وزجر أعذارًا إليهم وتأكيدًا للحجة عليهم.
فقال عز وجل: {رسلًا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [النساء: ١٦٥].
وقال عز من قائل: {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولًا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى} [طه: ١٣٤].
وقال تعالى في آية أخرى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا} [الإسراء: ١٥].
وقال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} [يونس: ٥٧].