للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(فصل: فيما يختص بالإمام)]

ولا ينبغي للرجل أن يكون إماماً حتى تكون فيه هذه الخصال التي نذكرها.

وهي ألا يحب أن يتقدم وهو يجد من يكفيه ذلك، ولا يتقدم وهناك من هو أفضل منه، لأنه جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا أم القوم رجل وخلفه من هو أفضل منه لم يزالوا في سفال".

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لأن أقدم فترض عنقي ولا يقربني ذلك من إثم خير من أن أتقدم قوماً فيهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وأن يكون قارئاً لكتاب الله، فقيهاً في دين الله، بصيراً بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه جاء في الحديث "اجعلوا أمر دينكم إلى فقهائكم، وأئمتكم قراؤكم"، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يؤمكم خياركم فإنهم وفودكم إلى الله عز وجل".

وإنما خصهم -صلى الله عليه وسلم- بذلك لأنهم أهل الدين والفضل والعلم بالله عز وجل والخوف من الله تعالى، الذي يعنون بصلاتهم وصلاة من خلفهم، ويتقون ما يلزمهم من وزر أنفسهم ووزر من خلفهم إن أساؤوا في صلاتهم، وما أراد -صلى الله عليه وسلم- بالقراء الحفظة للقرآن فحسب من غير أن يعملوا به، وإنما أراد -صلى الله عليه وسلم- العمال بالقرآن مع حفظه، وقد جاء في الحديث: "إن أحق الناس بهذا القرآن من كان يعمل به وإن كان لا يقرؤه".

وقد يحفظ القرآن من لا يعمل به ولا يعبأ بإقامة حدوده مما فرض الله عليه من العمل به وما نهاه من النهي عنه، فلا نعنى نحن به ولا كرامة له، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما آمن بالقرآن من استحل محارمه".

فلا يجوز للناس أن يقدموا عليهم في صلاتهم إماماً إلا أعلمهم بالله وأخوفهم له، فإن خالفوا وقدموا غيره لم يزالوا في سفال وإدبار وانتقاص في دينهم وبعد من الله تعالى ومن رضوانه وجنته.

فرحم الله قوماً عنوا بدينهم وصلواتهم، فقدموا خيارهم واتبعوا في ذلك سنة نبيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>