-صلى الله عليه وسلم- وطلبوا بذلك القربة إلى ربهم تبارك وتعالى.
وينبغي أن يكون الإمام حافظاً للسانه من عيب الناس عليه وغيبتهم إلا من الخير، ويكون يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويجتنبه، ويحب الخير وأهله، ويبغض الشر وأهله، عارفاً بمواقيت الصلاة محافظاً عليها، مقبلاً على شأنه، عفيف البطن والفرج، منقبض اليد عن الحرام، قليل السعي إلا في ابتغاء مرضاة الله عز وجل، وقوراً حمولاً صبوراً على الأذى، يغضى عن الشر ويحتمل ممن يتكلم فيه، ويصبر على من يجهل عليه، ويحسن إلى من أساء إليه، ويكون غضيض الطرف عن المحارم، إن رأى عورة سترها، وإن رأى مخزية دفنها، يعرض عن الجاهلين ويقول لهم: اللهم سلاماً، الناس منه في راحة، وهو من نفسه في عناء، حريصاً على فكاك رقبته، مجداً في خلاص نفسه، ويعلم أنه قد بلي بشيء عظيم جليل خطره، كبير شأنه.
وليكن همه ما قد كلف به من عظيم قدر الإمامة وخطر قدرها وخيرها، وليكن قليل الكلام إلا فيما يعنيه، له حال وللناس حال، إذا قام في محرابه علم أنه قائم في مقام النبيين، وخليفه سيد المرسلين، ويناجي رب العالمين.
يتحرى الاجتهاد لتمام الصلاة وليسلم من خلفه، ممن تقلد إمامته، خفيف الصلاة في تمام، يصلي بصلاة أضعفهم، فيرى في نفسه أنه دونهم وأنه مبتلى بإمامتهم، وأن الله تعالى يسأله عن أداء الفرائض عن نفسه وعنهم.
وهو بتقدمه باك على خطيئته، نادم على ما سلف من تفريطه وقديم أيامه، وما انقضى من أوقاته، لا يتكبر على من خلفه، ولا يتجبر على من هو دونه، ولا يغضب حمية لنفسه، إذا قيل ما فيه وما هو عنه بريء، ولا يحب حمدهم ولا يكره ذمهم، فتكون الجماعة عنده في الحالتين سواء، لم يجرب عليه كذبة، طيب الطعام، نظيف اللباس، متواضعاً في لبسه متخاشعاً في جلسته، غير محدود في الإسلام، ولا ذا ريبة في الأنام، ولا غمازاً على أخيه عند السلطان، ولا هو ساع إلى الشر، ولا ذي غمز في حقه، ولا خائن في وديعة وتجارته وعاريته، ولا يتقدم وهو خبيث المطعم والمكسب، ولا يتقدم وهو يشتهي الإمامة، ولا يتقدم وهو يعلم أن فيه حسداً ولا بغياً ولا حقداً ولا إحنة ولا غلاً ولا رجاء ولا طالباً لثأر، ولا منتصراً لنفسه، ولا متشفياً من غيظ، ولا متتبعاً عورة رجل مسلم، ولا غاشاً لأحد من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.