بالأنوار واستودعها الأسرار، وأزاح عنها الأخطار، وحفظها من رق الأغيار، وحط عنها الأثقال والأغلال والآصال والأوزار، إذ كان موصوفًا في الأزل بالإحسان والإفصال وغفران الذنوب لأهل الاستغفار.
قل بسم الله، اسم الذي أجرى الأنهار وأنبت الأشجار، اسم من عمر البلاد بأهل الطاعة من العباد، فجعلهم لها أوتادًا كالجبال فصارت الأرض بهم لمن عليها كالمهاد، فهم الأربعون الأخيار من الأبدال، المنزهون الرب عن الشركاء والأنداد وملوك في الدنيا وشفعاء الأنام يوم التناد، إذ خلقهم ربي مصلحة للعالم ورحمة للعباد.
(فصل) بسم الله للذاكرين ذخر وللأقوياء عز وللضعفاء حرز وللمحبين نور وللمشتاقين سرور، بسم الله راحة الأرواح، بسم الله نجاة الأشباح، بسم الله نور الصدور، بسم الله نظام الأمور، بسم الله تاج الواثقين، بسم الله سراج الواصلين، بسم الله مغني العاشقين، بسم الله اسم من أعز عبادًا وأذل عبادًا، بسم الله اسم من جعل النار لأعدائه مرصادًا، وجعل الرؤية لأحبائه ميعادًا، بسم الله اسم الواحد بلا عدد، بسم الله اسم الباقي بلا أحد، بسم الله اسم القائم بلا عمد، بسم الله افتتاح كل سورة، اسم من طابت به الخلوات، اسم من به تمت الصلوات، اسم من به حسنت الظنون، اسم من سهرت له العيون، اسم من إذا قال للشيء كن فيكون، اسم من تنزه عن المساس، اسم من استغنى عن الإيناس، اسم من جل عن القياس.
قل بسم الله حرفًا حرفًا، تأخذ الأجر ألفًا ألفًا، وتحط عنك الأوزار جرفًا جرفًا، من قالها بلسانه شهد الدنيا، ومن قالها بقلبه شهد العقبى، ومن قالها بسره شهد المولى.
بسم الله كلمة طاب بها الفم، بسم الله كلمة لا يبقى معها الغم، كلمة تمت بها النعمة، كلمة كشفت بها النقمة، كلمة خصت بها هذه الأمة، كلمة جمعت بين جلال وجمال، فقوله بسم الله جلال في جلال، وقوله الرحمن الرحيم جمال في جمال، فمن شهد جلاله طاش، ومن شهد جماله عاش، كلمة جمعت بين قدرة ورحمة، فالقدرة جمعت طاعات المطيعين، والرحمة محقت ذنوب المذنبين.
(فصل) قل بسم الله، فكأنه يقول بي وصل من وصل إلى الطاعات، ثم بنور الطاعات وصل إلى العيان، ثم استغنى بالعيان عن البيان، فصار قلبه وعاء للأسرار وعلم الأديان، ومن وصل إلى الحبيب نجا من النحيب، ومن وصل إلى النظر استغنى