وقال بعضهم: معنى الآيتين خاص وإن كان لفظهما عامًا، تقديرهما أجيب دعوة الداع إن شئت، وأجيب دعوة الداعى إذا وافق القضاء، وأجيب دعوة الداع إذا لم يسأل محالاً، وأجيب دعوة الداع إذا كانت الإجابة له خيرًا.
يدل على ذلك ما روى عن علي بن أبى المتوكل عن أبى سعيد -رضي الله عنه -، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "ما مسلم دعا الله -عز وجل -بدعوة ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم إلا أعطى الله تعالى بها صاحبها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، قالوا. يا رسول الله إذا نكثر، قال -صلى الله عليه وسلم -: الله أكثر".
وقال بعضهم: إن الآية عامة ليس فيها أكثر من إجابة الدعوة، فإما إعطاء المنية وقضاء الحاجة فليس بمذكور في الآية، وقد يجيب السيد عبده والوالد ولده ولا يعطيه سؤاله.
فالإجابة كائنة لا محالة عند حصول الدعوة، لأن قوله: أجيب وأستجب خبر، والخبر لا يعترض عليه النسخ، لأنه إذا نسخ صار المخبر كذابًا، وتعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وخبر الله تعالى لا يقع بخلاف مخبره.
والذي يؤيد هذا التأويل ما روى نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما -عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال:"من فتح له باب الدعاء فتحت له أبواب الإجابة".
وأوحى الله تعالى إلى داود -عليه السلام -: قل للظلمة لا يدعوني فإني أوجبت على نفسي أن أجيب من دعاني، وإني إذا أجبت الظالمين لعنتهم.
وقيل: إن الله تعالى يجيب دعوة المؤمن في الوقت إلا أنه يؤخر إعطاء مراده ليدعوه فيسمع صوته.
يدل عليه ما روى عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد ليدعو الله -عز وجل -وهو يجيبه، فيقول الله تعالى: يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وأخرها، فإني أحب أن لا أزال أسمع صوته، وإن العبد ليدعو الله -عز وجل -وهو يبغضه فيقول: يا جبريل اقض لعبد هذا حاجته بإخلاصه