وييسر حسابهم ويدخلهم جنته ويخلدهم فيها أبد الآباد بمنه، ويزيد الكافرين وأهل الشرك والأوثان شرًا إلى شر، وخوفًا إلى خوف، وعذابًا إلى عذاب، فيدخلهم جهنم ويخلدهم فيها أبد الآباد.
ثم قال عز وجل:{ولقاهم نضرة وسرورًا}[الإنسان: ١١] فالنضرة في الوجوه والسرور في القلوب، وذلك أن المؤمن إذا خرج من قبره يوم القيامة نظر أمامه، فإذا هو بإنسان وجهه مثل الشمس يضحك طيب النفس، وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج، فينظر إليه حتى يدنوا منه، فيقول سلام عليك يا ولي الله، فيقول: وعليك السلام من أنت يا عبد الله، أنت ملك من الملائكة؟ فيقول: لا والله، فيقول: أنت نبي من الأنبياء؟ فيقول: لا والله، فيقول: أنت من المقربين؟ فيقول: لا والله، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح أبشرك بالجنة والنجاة من النار، فيقول له: يا عبد الله أبعلم تبشرني؟ فيقول: نعم، فيقول: ما تريد مني؟ فيقول له: اركبني، فيقول له: سبحان الله ما ينبغي لمثلك أن يركب عليه، فيقول: بلى فإني طالما ركبتك في دار الدنيا، فإني أسألك بوجه الله إلا ما ركبتني، فيركبه، فيقول له: لا تخف أنا دليلك إلى الجنة، فيفرح فيتبين ذلك الفرح في وجهه حتى يتلألأ، ويرى فيه النور والسرور في قلبه، فذلك قوله عز وجل:{ولقاهم نضرة وسرورًا}[الإنسان: ١١].
وأما الكافر فإذا خرج من قبره نظر أمامه، فإذا هو برجل قبيح الوجه أزرق العينين أشد سوادًا من القبر في ليلة مظلمة، وثيابه سود، يجر أنيابه في الأرض بدهدهة مثل دهدهة الرعد، وريحه أنتن من الجيفة فيقول: من أنت يا عبد الله؟ ويريد أن يعرض عنه بوجهه، فيقول: يا عدو الله إلى إلى أنت لي وأنا لك اليوم، فقال: ويحك أشيطان أنت؟ فيقول: لا والله، ولكن عملك الصالح، فيقول: ويحك ما تريد مني؟ فيقول: أريد أن أركبك، فيقول له: أنشدك بالله مهلًا، فإنك تفضحني على رؤوس الخلائق، فيقول: والله ما منه بد فطالما ركبتني فأنا اليوم أركبك، قال: فيركبه، فذلك قوله عز وجل:{وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون}[الأنعام: ٣١].
ثم ذكر عز وجل أولياءه فقال:{وجزاهم}[الإنسان: ١٢] بعد البشارة {بما صبروا}[الإنسان: ١٢] على البلاء وأداء الأوامر، وانتهاء المناهي والتسليم في القدر {جنة وحريرًا}[الإنسان: ١٢].