مخلصًا، قال الله تعالى:{إن نصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}[محمد: ٧]، وقال الله تعالى:{إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}[النحل: ١٢٨].
فإذا اتقى الشرك وترك نظر الخلق في إنكاره وأحسن العمل بإخلاصه في ذلك كان الظفر له، وإن كان غير ذلك كان له الخذلان والصغار والذلة والمهانة، وبقاء المنكر على حاله، بل زيادته وتفاقمه وضراوة أهل المعاصي واتفاق شياطين الإنس والجن على مخالفة الله تعالى، وترك طاعته، وارتكاب المحرمات.
والثالث: أن يكون أمره ونهيه باللين والتودد، لا بالفظاظة والغلظة، بل بالرفق والنصح والشفقة على أخيه، كيف وافق عدوه الشيطان اللعين الذي قد استولى على عقله، وزين له معصية ربه ومخالفة أمره، يردي بذلك إهلاكه وإدخاله النار، كما قال الله تعالى:{إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}[فاطر: ٦]، وقال الله تعالى لنبيه- صلى الله عليه وسلم-: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك}[آل عمران: ١٥٩]، وقال تعالى لموسى وهارون عليهما السلام حين بعثهما إلى فرعون:{فقولا قولًا لينًا لعله يتذكر أو يخشى}[طه: ٤٤].
وقال النبي- صلى الله عليه وسلم- في حديث أسامة:((لا ينبغي لأحد أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى يكون فيه ثلاث خصال: عالمًا بما يأمر، عالمًا بما ينهى، رفيقًا فيما يأمر، رفيقًا فيما ينهى)).
والرابع: أن يكون صبورًا حليمًا حمولًا متواضعًا زائل الهوى قوي القلب لين الجانب، طبيبًا يداوي مريضًا، حكيمًا يداوي مجنونًا، إمامًا هاديًا، قال الله تعالى:{وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا}[السجدة: ٢٤] على احتمال الأذى من قومهم على نصرة دين الله وإعزازه والقيام معه، فجعلهم أئمة هداة أطباء الدين، قادة المؤمنين. وقال الله تعالى في قصة لقمان:{وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور}[لقمان: ١٧].
والخامس: أن يكون عاملًا بما يأمر، متنزهًا عما ينهى عنه، وغير متلطخ به، لئلا يكون لهم تسلط عليه، فيكون عند الله مذمومًا ملمومًا، قال الله تعالى:{أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون}[البقرة: ٤٤].