ألف من إنس ومائتا ألف من الجن، والتفاوت ما بين الجندين ظاهر.
فهذا ملك لطاعته، وهذه ملكت لكفرها ومعصيتها.
الإسلام يعلو ولا يعلى عليه {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا}[النساء: ١٤١].
وكذلك أنت يا موفق إذا آمنت أمنت من أعدائك في الدنيا، ومن نار الله الموقدة التي في العقبى، تخدمك النار وتطرق بين يديك، وترشدك الطريق مكرمة لك ومعظمة وطائعة لأمر مولاها وممتثلة له، فتقول لك: جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي.
(عبارة لطيفة) أي أنك مكرم منور، خلعة الملك عليك، علامته الوقار عليك، فعلى الحواشي والعبيد تعظيمك وتوقيرك وخدمتك.
وأما الكافر والعاصي، فتتغيظ النار عليه وتنتقم منه انتقام الجبار من عدوه عند ظفره به، كما قال -عز وجل-: {إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظًا وزفيرًا}[الفرقان: ١٢].
فإن أردت العزة في الدنيا والآخرة، فعليك بطاعة الله والصبر عن معصية الله، تجدها برحمة الله تعالى، قال الله -عز وجل-: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعًا}[فاطر: ١٠]، وقال تعالى:{ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون}[المنافقون: ٨].
فنفاقك يا مدعي الإيمان، وشركك يا مدعي الإخلاص حجباك عن رؤية عزة الجبار ونبيه المختار والمؤمنين الأخيار.
فلو كنت عاملًا بموجب الإيمان موقنًا بشرائط الإتقان، لأمنت في الدنيا من كل مؤذ وكل شيطان من الإنس والجان، وفي الآخرة من عذاب النيران، وكانت النصرة لك ولأعدائك الهوان، قال الله -عز وجل-: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}[محمد: ٧]، وقال تعالى:{فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم}[محمد: ٣٥] ولكن الغفلة قد تكاثفت على قلبك وتراكم الرين عليه، وترادف السواد والظلمة لديه، فيالها من حسرة وندامة {يوم تبلى السرائر}[الطارق: ٩] في يوم القيامة، يوم الحاقة، يوم الطامة الكبرى، يوم القارعة، يوم الصاخة {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية}[الحاقة: ١٨]، {يومئذ يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم * فمن يعمل