أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ ولم لا أفعل، وقد أنزل الله عز وجل علي:{إن في خلق السموات والأرض}[البقرة:١٦٤] ".
وحقيقة الشكر عند أهل التحقيق: الاعتراف بنعمة المنعم على وجه الخصوص، وعلى هذا المعنى وصف الله تعالى نفسه بأنه الشكور توسعًا، معناه أنه يجازي العباد على الشكر، فسمي جزاء الشكر شكرًا، كما قال الله عز وجل:{وجزاء سيئة سيئة مثلها}[الشورى:٤].
وقيل: حقيقة الشكر الثناء على المحسن بذكر إحسانه، فشكر العبد لله تعالى ثناؤه عليه بذكر إحسانه إليه، وشكر الحق سبحانه للعبد ثناؤه عليه بذكر إحسانه له، ثم إن إحسان العبد طاعته لله، وإحسان الحق سبحانه إنعامه على العبد، وشكر العبد على الحقيقة إنما هو نطق اللسان وإقرار القلب بإنعام الرب.
ثم الشكر ينقسم أقسامًا إلى:
شكر اللسان وهو اعترافه بالنعمة بنعمت الاستكانة.
وشكر بالبدن والأركان وهو اتصاف بالوفاء والخدمة.
وشكر القلب وهو انعكاف على بساط الشهود بإدامة حفظ الحرمة.
وقيل: شكر العينين أن تستر عيبًا تراه لصاحبك، وشكر الأذنين أن تستر عيبًا تسمعه فيه.
وفي الجملة الشكر ألا تعصي الله تعالى بنعمه.
ويقال: شكر هو شكر العالمين فيكون من جملة أقوالهم، وشكر هو شكر العابدين، فيكون نوعًا من أفعالهم، وشكر هو شكر العارفين، يكون باستقامتهم له عز وجل في عموم أحوالهم، واعتقادهم أن جميع ما هم فيه من الخير وما يظهر منهم من الطاعة والعبودة والذكر له عز وجل بتوفيقه وإنعامه وعونه وحوله وقوته عز وجل، وانعزالهم عن جميع ذلك والفناء فيه، والاعتراف بالعجز والقصور والجهل، ثم الاستكانة إليه عز وجل في جميع الأحوال.
وقال أبو بكر الوراق رحمه الله تعالى: شكر النعمة مشاهدة المنة وحفظ الحرمة.