ولا يموت وينعم ولا يبأس، ولا يخلق ثيابهم ولا يبلى شبابهم».
فهذا دليل على كونهما مخلوقتين، وأن نعيم الجنة دائم لا يفنى، كما قال الله تعالى:{أكلها دائم وظلها}[الرعد: ٣٥]، وقال -عز وجل-: {لا مقطوعة ولا ممنوعة}[الواقعة: ٣٣].
ومن نعيمها الحور العين خلقهن الله تعالى في الجنة للبقاء، لا يفنين ولا يمتن كما قال الله -عز وجل-: {فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن أنس قبلهم ولا جان}[الرحمن: ٥٦]، وقوله تبارك وتعالى:{حور مقصورات في الخيام}[الرحمن: ٧٢].
وروت أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قول الله -عز وجل-: {كأمثال اللؤلؤ المكنون}[الواقعة: ٢٣].
قال: صفاؤهن كصفاء الدر في الأصداف ... إلى أن قال: يقلن نحن الخالدات فلا نموت أبدًا، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدًا، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدًا، ونحن الراضيات فلا نسخط أبدًا، وهن في دار حق ولا يقلن إلا حقًا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- صادق لا يقول إلا حقًا فقد أخبر أنهن خالدات لا يمتن أبدًا.
وروى معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:«لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل يوشك إن يفارقك إلينا».
فإذا ثبت أنهما لا يفنيان وما فيهما أبدًا فلا يخرج الله تعالى من الجنة أحدًا، ولا يسلط على أهلها الموت فيها، ولا يزول عنهم نعيمها فهم في كل يوم في مزيد نعيم أبد الآباد.
وتمام نعيمهم أن الله -عز وجل- يأمر بالموت فيذبح على صورة كبش أملح بين الجنة والنار، وينادي المنادي: يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت، على ما ورد به الخبر الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.