شجرة وكل زرع ينبت، ومسقط كل ورقة، وعدد ذلك كله، وعدد الحصى والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وأعمال العباد وآثارهم، وأنفاسهم وكلامهم، ويعلم كل شيء لا يخفى عليه شيء من ذلك.
وهو باين من خلقه، لا يخلو من علمه مكان، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال: إنه في السماء على العرش، كما قال جل ثناؤه {الرحمن على العرش استوى}[طه: ٥]، وقوله:{ثم استوى على العرش الرحمن}[الفرقان: ٥٩]، وقال تعالى:{إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}[فاطر: ١٠].
والنبي- صلى الله عليه وسلم- حكم بإسلام الأمة لما قال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء.
وقال النبي- صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: لما خلق الله الخلق كتب كتابًا على نفسه، وهو عنده، فوق العرش: أن رحمتي تغلب غضبي.
وفي لفظ آخر: لما قضى الله سبحانه الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش أن رحمتي سبقت غضبي.
وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش لا على معنى القعود والمماسة كما قالت المجسمة والكرامية، ولا على معنى العلو والرفعة كما قالت الأشعرية، ولا على معنى الاستيلاء والغلبة كما قالت المعتزلة، لأن الشرع لم يرد بذلك، ولا نقل عن أحد من الصحابة والتابعين من السلف الصالح من أصحاب الحديث، بل المنقول عنهم حمله على الإطلاق.
وقد روى عن أم سلمة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم- في قوله عز وجل:{الرحمن على العرش استوى}[طه: ٥] قالت: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإقرار به واجب، والجحود به كفر.
وقد أسنده مسلم بن الحجاج عنها عن النبي- صلى الله عليه وسلم- في صحيحه، وكذلك في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وقال أحمد بن حنبل رحمه الله قبل موته بقريب: أخبار الصفات تمر، كما جاءت، بلا تشبيه ولا تعطيل.