وإنما كان بعد تقادم السنين والأعوام، وفوت الصحابة والتابعين والفقهاء السبعة فقهاء المدينة، وعلماء الأمصار وفقهائها قرنًا بعد قرن، وقبض العلم بموتهم إلا شرذمة قليلة، وهم الفرقة الناجية فحفظ الله الدين بهم.
كما روي عن عروة عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله تعالى لا ينزع العلم من صدور الرجال بعد أن يعطيهم، ولكن يذهب بالعلماء، فكلما ذهب بعالم ذهب معه من العلم حتى يبقى من لا يعلم، فَيَضِلون ويُضَلون».
وفي لفظ آخر عن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
«إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالًا، فسئلوا فافتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا».
وعن كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جده -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
«إن الدين ليأزر إلى الحجاز كما تأزر الحية إلى جحرها، وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل، إن الدين بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبي للغرباء. قيل: ومن الغرباء؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي بعدي».
وعن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لا يأتي على الناس زمان إلا أماتوا فيه سنة وأحيوا فيه بدعة.
وعن الحارث عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال:
ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفتن فقلنا: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كتاب الله هو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تلتبس له الألسن، هو