للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على اللوح بما هو كائن إلى يوم القيامة، فأول ما كتب على اللوح: {بسم الله الرحمن الرحيم}، فجعل الله هذه الآية أمانًا لخلقه ما داموا على قراءتها، وهي قراءة أهل سبع سموات، وأهل الصفح الأعلى وأهل سرادقات المجد والكروبيين، والصافين، والمسبحين، فأول ما أنزلت على آدم -عليه السلام-، فقال: قد أمن ذريتي من العذاب ما داموا على قراءتها، ثم رفعت بعده فأنزلت على إبراهيم الخليل -عليه السلام- في سورة الحمد فتلاها وهو في كفة المنجنيق، فجعل الله النار عليه بردًا وسلامًا، ثم رفعت بعده فأنزلت على موسى -عليه السلام- في الصحف، فبها قهر فرعون وسحرته وهامان وجنوده وقارون وأتباعه، ثم رفعت بعده فأنزلت على سليمان بن داود عليهما السلام، فعندها قالت الملائكة: اليوم والله تم ملكك يا ابن داود، فلم يقرأها سليمان على شيء إلا خضع له، وأمره الله يوم أنزلها عليه أن ينادي في أسباط بني إسرائيل، ألا من أحب منكم أن يسمع آية أمان الله فليحضر إلى سليمان في محراب داود -عليه السلام-، فإنه يريد أن يقوم خطيبًا، فلم يبق محبوس نفسه في العبادة ولا سائح إلا هرول إليه، حتى اجتمعت الأحبار والعباد والزهاد والأسباط كلها عنده، فقام فرقى منبر الخليل إبراهيم وتلا عليهم آية الأمان: {بسم الله الرحمن الرحيم} فلم يسمعها أحد إلا امتلأ فرحًا، وقالوا: نشهد أنك لرسول الله حقًا، فبها قهر سليمان ملوك الأرض، وبها افتتح لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- مكة، ثم رفعت بعد سليمان فأنزلت على المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام-، ففرح بها واستبشر بها الحواريون، فأوحى الله تعالى إليه: يا ابن العذراء البتول أتدري أي آية أنزلت عليك؟ إنها آية الأمان، قوله: {بسم الله الرحمن الرحيم} فأكثر تلاوتها في قيامك وقعودك ومضجعك ومجيئك وذهابك وصعودك وهبوطك، فإنه من وافى بها يوم القيامة وفي صحيفته {بسم الله الرحمن الرحيم} ثمانمائة مرة وكان مؤمنًا بي وبربوبيتي أعتقته من النار، وأدخلته الجنة، فتلكن افتتاح قراءتك وصلاتك، فإن من جعلها في افتتاح قراءته وصلاته إذا مات على ذلك لم يرعه منكر ونكير، وهون عليه سكرات لموت وضغطة القبر، وكانت رحمتي عليه، وأفسح له في قبره، وأنور له في قبره، وأنور له فيه مد بصره، وأخرجه من قبره أبيض الجسم وأنور الوجه، يتلألأ نوره، وأحاسبه حسابًا يسيرًا، وأثقل موازينه، وأعطيه النور التام على الصراط حتى يدخل الجنة، وآمر المنادي أن ينادي به في عرصات القيامة بالسعادة والمغفرة.

قال عيسى -عليه السلام-: اللهم يارب فهذا لي خاصة؟ فقال: لك خاصة ولمن تبعك

<<  <  ج: ص:  >  >>