للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد عبادة.

وقال آخرون: هو من الإله، وهو الاعتماد، يقال: ألهت إلى فلان إلهًا: أي فزعت إليه واعتمدت عليه.

ومعناه: أن الخلق يفزعون ويتضرعون إليه في الحوادث والحوائج، فهو يألههم: أي يجبرهم، فسمى إلهًا -كما يقال: إمام للذي يؤتم به- فالعباد يؤلهون إليه: أي مضطرون إليه في المنافع والمضار، كالواله المضطر المغلوب.

وقال أبو عمرو بن العلاء: هو من ألهت في الشيء: إذا تحيرت فيه فلم تهتد إليه.

ومعناه: أن العقول تتحير في كنه صنعته وعظمته والإحاطة بكيفيته، فهو إله كما يقال: للمكتوب كتاب، وللمحسوب حساب، وقال المبرد: هو من قول العرب: ألهت إلا فلان: أي سكنت إليه، فكان الخلق يسكنون ويطمئنون بذكره. قال الله -عز وجل-: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد: ٢٨].

وقيل: أصله من الوله، وهو ذهاب العقل لفقدان من يعز عليه، فكأنه سمي بذلك لأن القلوب توله بمحبته وتطرب وتشتاق عند ذكره.

وقيل: معناه المحتجب لأن العرب إذا عرفت شيئًا ثم حجب عن أبصارها سمته لاهًا، يقال: لاهت العروس تلوه لوهًا: إذا احتجبت، فالله تعالى هو الظاهر بالربوبية بالدلائل والأعلام، والمحتجب من جهة الكيفية عن الأوهام.

وقيل: معناه المتعالي، يقال لاه: أي ارتفع، ومنه قيل للشمس إلاهة.

وقيل: معناه القدرة على الاختراع، وقيل: معناه السيد.

{الرحمن الرحيم} قد قال قوم: هما بمعنى واحد، وهو ذو الرحمة، وهما من صفات الذات.

وقيل: هما بمعنى ترك عقوبة من يستحق العقوبة، وإسداء الخير إلى من لا يستحقه، وهما من صفات الفعل.

وفرق الآخرون بينهما فقالوا: الرحمن: للمبالغة، فمعناه: الذي وسعت رحمته كل شيء، والرحيم دون ذلك في الرتبة.

وقال بعضهم: الرحمن: العاطف على جميع خلقه مؤمنهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم بأن خلقهم ورزقهم، قال الله تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء} [الأعراف: ١٥٦]،

<<  <  ج: ص:  >  >>