للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمتعرضين تارة لهم وتارة عليهم.

فأما الجنيد فإنه أشار إلى توبة المحققين، فلا يذكرون ذنوبهم مما غلب على قلوبهم من عظمة الله تعالى ودوام ذكره.

وقال: وهو مثل ما سئل رويم عن التوبة فقال: التوبة من التوبة.

وقال ذو النون المصري رحمه الله: توبة العوام من الذنوب وتوبة الخواص من الغفلة.

وقال أبو الحسين النوري رحمه الله: التوبة أن نتوب من كل شيء سوى الله عز وجل.

قال عبد الله بن علي بن محمد التميمي رحمهم الله: شتان بين تائب يتوب من الزلات، وتائب يتوب من الغفلات، وتائب يتوب من رؤية الحسنات.

وقال أبو بكر الواسطى رحمه الله: التوبة النصوح ألا يبقى على صاحبها أثر من المعصية سرًا ولا جهرًا، ومن كانت توبته نصوحًا لا يبالي كيف أمسى وأصبح.

وقال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله في مناجاته: إلهي لا أقول تبت ولا أعود لما أعرف من خلقي، ولا أضمن ترك الذنوب لما أعرف من ضعفي، ثم إني أقول لا أعود لعلي أموت قبل أن أعود.

وقال ذو النون رحمه الله: الاستغفار من غير إقلاع توبة الكذابين.

وقال أيضًا رحمه الله: حقيقة التوبة أن تضيق عليك الأرض بما رحبت ثم تضيق عليك نفسك كما أخبر الله تعالى في كتابه العزيز {حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا} [التوبة: ١١٨].

وقال ابن عطاء رحمه الله: التوبة توبتان: توبة الإنابة، وتوبة الاستجابة.

فتوبة الإنابة: أن يتوب العبد خوفًا من عقوبته، وتوبة الاستجابة: أن يتوب حياء من كرمه.

وقال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله: زلة واحدة بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها.

وقال أبو عمرو الأنماطي رحمه الله: ركب علي بن عيسى الوزير في موكب عظيم فجعل الغرباء يقولون: من هذا؟ فقالت امرأة قائمة على الطريق إلى متى تقولون من هذا؟ هذا عبد سقط من عين الله فأبلاه الله بما ترون، فسمع علي بن عيسى ذلك، فرجع إلى منزله واستعفى من الوزارة، وذهب إلى مكة وجاور بها إلى أن مات.

<<  <  ج: ص:  >  >>