من جب، فسأله من أي جب من الجبات أخرجتها؟ فقال: لا أدري، فصبها كلها.
وروى عن بعض الأئمة أنه كان لا يجلس في ظل شجرة غريمه ويقول: جاء في الخبر "كل قرض جر نفعًا فهو ربًا".
وقيل: إن أبا يزيد رحمه الله تعالى غسل ثوبًا في الصحراء مع صاحب له، فقال لصاحبه، نعلق الثياب على جدران الكروم، فقال: لا نغرز الوتد في جدار الناس، فقال: نعلقه على الشجر، فقال: لا إنه يكسر الأغصان، فقال: تبسطه على الأذخر، فقال: لا إنه علف الدواب لا نستره عنها، قيل: فولى ظهره إلى الشمس والقميص على ظهره ووقف حتى جف جانبه، ثم قلبه حتى جف الجانب الآخر.
وعن إبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى أنه قال: بت ليلة تحت صخرة بيت المقدس، فلما كان بعض الليل نزل ملكان، فقال أحدهما لصاحبه: من هاهنا؟ فقال الآخر: إبراهيم بن أدهم، فقال: ذاك الذي حط الله درجة من درجاته، فقال: لم ذلك؟ قال: لأنه اشترى بالبصرة التمر، فوقعت تمرة من تمر البقال على تمره، فقال إبراهيم: فمضيت إلى البصرة واشتريت التمر من ذلك الرجل وأوقعت تمرة على تمره، ورجعت إلى بيت المقدس ونمت تحت الصخرة، فلما كان بعض الليل إذا أنا بملكين نزلا من السماء، فقال أحدهما لصاحبه: من هاهنا؟ قال الآخر: إبراهيم بن أدهم، فقال: ذاك الذي رد الشيء إلى مكانه ورفعت درجته.
وقيل: التقوى على وجوه: تقوى العامة: ترك الشرك بالخالق، وتقوى الخاصة: ترك الهوى بترك المعاصي ومخالفة النفس في سائر الأحوال، وتقوى خاص الخاص من الأولياء: ترك الإرادة في الأشياء والتجرد في النوافل من العبادات والتعلق بالأسباب، والركون إلى ما سوى المولى، ولزوم الحال والمقام، وامتثال الأمر في جميع ذلك مع إحكام الفرائض.
وتقوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يتجاوزهم غيب في غيب، فهو من الله وإلى الله، يأمرهم وينهاهم، ويوقفهم ويؤدبهم ويهذبهم ويطيبهم ويطبهم، ويكلمهم ويحدثهم، ويرشدهم ويهديهم، ويعطيهم ويهنيهم، ويطلعهم ويبصرهم، لا مجال للعقل في ذلك، فهم في معزل عن البشر بل عن الملائكة أجمع، إلا فيما يتعلق بالحكم