القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون} [الأعراف: ٩٧ - ٩٨].
فما جوابك يا مسكين عن هذه الآيات، وما عملك بها؟ فهل انتهيت بها عن إتباع شهواتك الخبيئة المردية لك في الدنيا والآخرة، المحلة لك في دار الشقاء والمهانة التي تحرقك نارها وتنهشك حياتها وتلسعك وتلسنك عقاربها وهوامها، وتأكلك ديدانها، وتضربك زبانيتها وخزانها، ويجدد عليك في كل يوم أنواع عذابها وأنت فيها مع فرعون وهامان ونمرود وقارون والشياطين سواء.
وقال في الترغيب:{ومن يتق الله يجعل له مخرجًا * ويرزقه من حيث لا يحتسب}[الطلاق: ٢ - ٣].
وقال تعالى:{ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا}[الطلاق: ٥].
وقال تعالى:{يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك}[الانفطار: ٦ - ٧].
وقال عز وجل:{ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله}[الحديد: ١٦].
فقد رغبك الله فيما عنده وطلب فضله وسعة رحمته وطيب رزقه والاستراحة إليه والطمأنينة لديه، بسلوك سبيل التقوى وملازمته والمواظبة عليه، فبين بذلك الطريق وأضاء لك المحجة، وضمن لك بعد ذلك غفران الذنوب وتكفير السيئات وعظم الأجر والجزاء بقوله عز وجل:{ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا}[الطلاق: ٥].
ثم نبهك عن غرتك به ورقدتك عنه، وتعاميك عن طريقه وتصامك عن سماع آياته ومواعظة وزواجره، فقال تعالى:{ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك}[الانفطار: ٦ - ٧].
فوصف نفسه بالكريم لئلا تزهد في معاملته وتنفر عن مقاربته وتشتغل عنه بخليقته، ثم ذكرك بأنه خلقك وأوجدك من عدمك، وأحياك بعد أن لم تكن شيئًا، وأغناك بعد فقرك، وقواك بعد ضعفك، وبصرك في مصالحك بعد عماك، وعلمك بعد جهلك، وهداك بعد ضلالتك.
فما قعودك يا غافل عن طلب فضله الواسع، وما تثبيطك عن ملازمة طاعته التي تشرفك في الدنيا وتسعدك في العقبي، وترفعك في الدرجات العلى.
أرضيت بالحياة الدنيا من الآخرة، واستبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير، وآثرت