فينزل في ذلك القصر فيلقاه رجل إذا رأى وجهه وثيابه يبقى مبهوتًا يظن أنه ملك، فيأتيه ذلك الرجل فيقول: السلام عليك ورحمة الله وبركاته؛ لقد آن لك أن تجئ، فيرد عليه السلام ثم يقول له: من أنت يا عبد الله؟ فيقول: أنا قهرمان لك وأنا على هذا المنزل ولك مثلي ألف قهرمان، كل واحد منهم على قصر من قصورك، ولك ألف قصر في كل قصر ألف خادم وزوجة من الحور العين.
قال: فيدخل في قصره ذلك فإذا هو بقبة من لؤلؤة بيضاء وفي جوفها سبعون بيتًا، في كل بيت سبعون غرفة، لكل غرفة سبعون بابًا، لكل باب منها قبة من لؤلؤ فيدخل تلك القباب فيفتحتها ولم يفتحها أحد من خلق الله قبله، فإذا هو في جوف تلك القبة بقبة من جوهرة حمراء طولها سبعون ذراعًا، لها سبعون بابًا، كل باب منها يفضى إلى جوهرة حمراء على مثل طولها لها سبعون بابًا، ليس منها جوهرة على لون صاحبتها في كل جوهرة أزواج ومناص وأسرة.
قال: فإذا دخلها وجد فيها زوجة من الحور العين، فتسلم عليه فيرد عليها السلام ثم يقوم مبهوتًا، فتقول له: قد آن لك أن تزورنا وأنا زوجتك.
قال: فينظر في وجهها فيرى وجهه في وجهها كما يرى أحدكم وجهه في المرآة من الحسن والجمال والصفوة، فإذا عليها سبعون حلة في كل حلة سبعون لونًا ليس فيها لون على لون صاحبتها يرى مخ ساقها من ورائهن، لا يعرض عنها إعراضه إلا ازدادت حسنًا في عينه سبعين ضعفًا، فهي له مرآة وهو لها مرآة.
قال: وإن لكل قصر منها ثلثمائة وستون بابًا، على كل باب ثلثمائة وستون قبة من لؤلؤة وياقوتة وجوهرة ليس منها قبة على لون صاحبتها، فإذا أشرف على ظهر القصر أشرف على ملكه مسيرة من الأرض ما ينفذ بصره فيها، إذا سار فيه سار في ملكه مائة سنة لا ينتهي إلى شيء فيه إلا نظر فيه أجمع، وإن الملائكة تدخل عليه في كل قصوره من كل باب بالسلام والهدايا من عند رب العالمين، ليس منهم ملك إلا ومعه من الهدايا ما ليس مع الآخر كل يوم في النهار تسلم عليه الملائكة معها الهدايا.
وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل يقول:{والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار}[الرعد: ٢٣ - ٢٤].
وقال تعالى:{ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا}[مريم: ٦٢].