صاحبتها، عن يمين كل سرير منها سبعون ألف كرسي، وعن شمالها مثل ذلك، ليس منها كرسي يشبه الآخر.
وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول:"إن أهل الجنة أجمعين أعلاهم وأسفلهم على طول آدم، وطول آدم عليه السلام ستون ذراعًا، شبابًا جردًا مردًا مكحولين محممين هم ونساءهم على قدر واحد".
قال: فلما فعل ذلك بهم، نادي مناد في الجنة، فيسمع صوته أدناهم وأقصاهم، فيقول: يا أهل الجنة أرضيتم منازلكم؟ فيقولون بأجمعهم: نعم والله لقد أنزلنا ربنا منزل الكرامة، لا نبغي عنها حولًا ولا بها بدلًا، رضينا بربنا جارًا، اللهم ربنا فإنا سمعنا مناديك فأجبناه القول الصادق، اللهم ربنا فإنا اشتهينا النظر إلى وجهك فأرناه، فإنه أفضل ثوابنا عندك.
قال: فأمر الله عز وجل عند ذلك الجنة فيها منزله ومجلسه واسمها دار السلام، خذي زينتك، وتزيني واستعدي لزيارة عبادي فاستمعت لربها وأطاعته قبل أن تنقضي الكلمة، وأخذت زينتها واستعدت لزوار الله تعالى، فيأمر الله تعالى ملكًا من الملائكة أن أدع عبادي إلى زيارتي.
قال: فيخرج ذلك الملك من عند الرحمن، فينادي بأعلى صوته، بصوت له لذيذ ممدود يقول: يا أهل الجنة، يا أولياء الله زوروا ربكم.
قال: فيسمع صوته أعلاهم وأسفلهم، فيركبون على النوق والبراذين بأجمعهم، فيسيرون في ظل إلى جنب تلال من مسك أبيض وزعفران أصفر، فيسلمون عند الباب وتسليمهم أن يقولوا: السلام علينا من ربنا، فيستأذنون فيؤذن لهم، فيعمدون فيدخلون الباب، فتهب ريح من تحت العرش اسمها المثيرة، فتنسف تلال المسك والزعفران، فتغبر جيوبهم ورؤوسهم وثيابهم، فيدخلون وينظرون إلى عرش ربهم وكرسيه نورًا يتلألأ عليهم من غير أن يتجلى لهم، فيقولون: سبحانك ربنا قدوس، رب الملائكة والروح، تباركت ربنا وتعاليت، أرنا ننظر إلى وجهك.
قال: فيأمر الله عز وجل الحجب التي من نور: أن اعتزلي، فلا يزال يرتفع حجاب وراء حجاب حتى يرتفع سبعون حجابًا، كل حجاب هو أشد نورًا من الذي يليه سبعين ضعفًا، فيتجلى لهم رب العزة عز وجل، فيخرون له سجدًا ما شاء الله، يقولون وهم