عمره، وأما الثالث فيأمن العطش يوم العرض الأكبر، فقام شيخ ضعيف فقال: يا رسول الله إني أعجز عن صيامه كله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صم أول يوم منه وأوسط يوم فيه، وآخر يوم منه، فإنك تعكي ثواب من صامه كله، فإن الحسنة بعشر أمثالها، ولكن لا تغفلوا عن أول ليلى جمعة في رجب، فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب، وذلك أنه إذا مضى ثلث الليل لا يبقى ملك في جميع السموات والأرضين إلا ويجتمعون في الكعبة وحواليها، فيطلع الله تعالى عليهم اطلاعة فيقول: ملائكتي سلوني ما شئتم، فيقولون: ربنا حاجتنا إليك أن تغفر لصوام رجب، فيقول الله تعالى: قد فعلت ذلك.
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فما من أحد يصوم يوم الخميس أول خميس في رجب، ثم يصلي فيما بين المغرب والعشاء العتمة -يعني ليلة الجمعة- اثنتا عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة بقاتحة الكتاب مرة و {إنا انزلناه في ليلة القدر ....} ثلاث مرات، و {قل هو الله أحد ..} اثنتا عشرة مرة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، فإذا فرغ من صلاته صلى علي سبعين مرة يقول: الله صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم، ثم يسجد سجدة يقول في سجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبعين مرة، ثم يرفع رأسه فيقول: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، فإنك أنت العزيز الأعظم سبعين مرة، ثم يسجد الثانية فيقول فيها مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله حاجته في سجوده، فإنها تقضى".
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده ما من عبد ولا أمة صلى هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال، وعدد قطر الأمطار ووزن الأشجار، وشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته، فإذا كانت أول ليلة في قبره جاءه ثواب هذه الصلاة بوجه طلق ولسان ذلق، فيقول له: يا حبيبي أبشر فقد نجوت من كل شدة، فيقول: من أنت؟ فو الله ما رأيت رجلًا أحسن وجهًا من وجهك، ولا سمعت كلامًا أحلى من كلامك، ولا شممت رائحة أحلى من رائحتك، فيقول له: يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتها في ليلة كذا في شهر كذا في سنة كذا، جئت الليلة لأقضي حاجتك، وأؤنس وحدتك، وأدفع عنك وحشتك، فإذا نفخ في الصور أظللتك في عرصات القيامة على رأسك، فأبشر فلن تعدم الخير من مولاك أبدًا".