قالت: وكان -صلى الله عليه وسلم -يرغبهم في حديث رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، فتوفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم -والأمر على ذلك في أيام خلافة أبى بكر الصديق -رضي الله عنه -وصدرًا من خلافة عمر -رضي الله عنه -.
وروى عن علي -رضي الله عنه -أنه قال: إنما أخذ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -هذه التراويح من حديث سمعه مني، قالوا: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقول:"إن لله تعلى حول العرش موضعًا يسمى حظيرة القدس وهي من النور، فيها ملائكة لا يحصى عددهم إلا الله -عز وجل -، يعبدون الله تعالى عبادة لا يفترون ساعة، فإذا كان ليالي شهر رمضان استأذنوا ربهم أن ينزلوا إلى الأرض، فيصلون مع بني آدم، فيأذن لهم فينزلون كل ليلة إلى الأرض فيصلون مع بني آدم، فكل من مسهم من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم -أو مسوه سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدًا" فقال عمر -رضي الله عنه -إذ ذاك: فنحن أحق بهذا، فجمع للتراويح وسنها.
وروى عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه -أنه خرج في أول ليلة من شهر رمضان، فسمع القرآن في المساجد، فقال: نور الله قبر عمر كما نور مساجد الله بالقرآن، وكذلك يروى عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه -.
وفي لفظ آخر: أن عليًا -رضي الله عنه -اجتاز بالمساجد وهي تزهو بالقناديل والناس يصلون التراويح، فقال: نور الله -عز وجل -على عمر قبره كما نور مساجدنا.
وروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال:"من علق في بيت من بيوت الله قنديلاً لم تزل الملائكة تستغفر له وتصلى عليه وهم سبعون ألف ملك حتى يطفأ ذلك القنديل".
وعن أبى ذر الغفاري -رضي الله عنه -أنه قال:"صلينا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فلما كانت الليلة الثالثة والعشرون قام فصلى بنا حتى مضى ثلث الليل، ثم لما كانت الليلة الرابعة والعشرون لم يخرج إلينا، فلما كانت الليلة الخامسة والعشرون خرج وصلى بنا حتى مضى شطر الليل، فقلنا له: لو نفلتنا ليلتنا هذه، فقال -صلى الله عليه وسلم -: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، ولم يصل بنا في الليلة السادسة والعشرين، فلما كانت الليلة السابعة والعشرون قام بنا وجمع أهله وصلى بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور".