وآخر فقير، وواحد في فرحة وآخر في ترحة، فليذكر تفاوت أهل القيامة، أهل الطاعة مسرور وأهل المعصية مغموم، المتقى راكب والمجرم المشرك متعثر مكبوب على وجهه مسحوب أو ماش.
كما قال عز من قائل:{يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدًا}[مريم: ٨٥] أي ركبانًا على النجائب {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردًا}[مريم: ٨٦] أي عطاشًا.
والزاهد والعارف والبدل كل واحد في راحة وغنى عند مليكهم ومحبوبهم تحت ظل العرش عليهم الحلى والحلل، وأنوار الطاعات والمعارف على وجوههم ظاهرة وهي نضرة مشرقة، وبين أيديهم موائد عليها أنواع الأطعمة والأشربة والفواكه حتى يقضى حساب الخلائق، ثم يصيرون إلى الجنة إلى منازلهم التي أعد الله تعالى لهم، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
كما قال الله تعالى:{فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}[السجدة: ١٧].
وأما الراغب في الدنيا فهو في نياحة وبكاء وعناء، ومصدود عما فيه القوم من النعيم بدنياه، وتناوله الحرام والشبهات، وتخليطه في طاعة ربه، وهو يرى مكانه في الجنة فلا يصل إليه حتى يخرج مما عليه من الحقوق.
والكافر ينادى بالويل والثبور لما قد عاين وانكشف له من أنواع العذاب والنكال والهوان والهلاك والخلود في النيران، وإذا رأى الأعلام قد نشرت والألوية قد ضربت فليذكر أهل الإسلام أصحاب الأعلام حين ينادى منادي الرحمن بالتوجه إلى زيارة رب الأنام إلى دار السلام بأمر السلام.
وإذا رأى الصفوف قد استكملت والخلائق قد اجتمعت فليذكر وقوف الخلائق بين يدى الجبار وصفوف الفجار والأبرار يوم النشر الذي فيه تظهر الأسرار.
وإذا رأى الناس قد انصرفوا من الجبانة فكل يرجع إلى ما قد قسم له من دار أو مسجد أو خان، فليذكر منصرف الخلائق من بين يدى الملك المنان الديان إلى الجنة أو إلى النار كما قال ذو العظمة والامتنان:{ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون}[الروم: ١٤]{فريق في الجنة وفريق في السعير}[الشورى: ٧].