وقال عطاء -رحمه الله -: إنما سميت عرفات لأن جبريل -عليه السلام -كان يرى إبراهيم -عليه السلام -المناسك، فيقول عرفت، ثم يريه فيقول عرفت فسميت عرفات.
وروى سعيد بن المسيب عن علي بن أبى طالب -رضي الله عنه -أنه قال:"بعث الله -عز وجل -جبريل إلى إبراهيم -عليهما السلام -فحج به، حتى إذا أتى عرفات قال: قد عرفت، وكان قد أتاها مرة من قبل ذلك، فسميت عرفات".
وروى أبو الطفيل -رحمه الله -عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال:"إنما سميت عرفة لأن جبريل -عليه السلام -أتى إبراهيم -عليه السلام -فأراه بقاع مكة ومشاهدها، فكان يقول: يا إبراهيم هذا موضع كذا وهذا موضع كذا، فيقول قد عرفت قد عرفت".
وروى أسباط عن السدى -رحمهما الله -قال: لما أذن إبراهيم -عليه السلام -في الناس بالحج أجابوه بالتلبية، وأتاه من أتاه، فأمره الله -عز وجل -أن يخرج إلى عرفات ونعتها له، فخرج، فلما بلغ الشجرة استقبله الشيطان على الجمرة الثالثة التي هي جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة، فطار فوقع على الجمرة الثانية فرماه وكبر، فطار فوقع على الجمرة الأولى، فرماه وكبر، فلما رأى أنه لا يطيقه ذهب، فانطلق إبراهيم حتى أتى ذا المجاز، فلما نظر إليه لم يعرفه فجاز، فلذلك سمى ذا المجاز، ثم انطلق حتى وقف بعرفات، فلما نظر إليها بالنعت عرفها، فقال: عرفت، فسميت عرفات بذلك، وسمى ذلك اليوم يوم عرفة، حتى إذا أمسى اردلف إلى جميع فسميت مزدلفة.
وإنما سمى جمعًا لأنه يجمع فيه بين الصلاتين بين المغرب والعشاء، وإنما سمى المشعر الحرام لأن الله أشعر الناس وأعملهم بأنه حرم كسائر بقاع الحرم كيلا يأتوا فيه بمحرم.
وعن أبى صالح عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال: إنما سميت تروية وعرفة، لأن إبراهيم -عليه السلام -رأى ليلة التروية في منامه أنه يؤمر بذبح ابنه، فلما أصبح روى يومه أجمع: أي فكر، أمن الله هذا الحلم، أم من الشيطان؟ فسمى اليوم من فكرته تروية، ثم رأى ليلة عرفة ذلك ثانيًا، فلما أصبح عرف أن ذلك من الله -سبحانه وتعالى، فسمى ذلك اليوم يوم عرفة.
وقال بعضهم: سميت بذلك لأن الناس يعترفون في هذا اليوم على الموقف بذنوبهم.