علمت؟ فيقول: كنت أقوم به آناء الليل وأطراف النهار، فيقول تبارك وتعالى، كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، بل أردت أن يقال فلان قارئ، فق قيل ذلك، ويقال لصاحب المال: ماذا عملت فيما آتيتك؟ فيقول: كنت أصل الرحم وأتصدق به، فيقول الله تبارك وتعالى: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، بل أردت أن يقال فلان جواد، وقد قيل ذلك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله تعالى، فيقول الله تعالى: لماذا قاتلت؟ فيقول: قاتلت حتى قتلت في سبيلك، فيقول الله تبارك وتعالى: كذبت، وتقول الملائكة، كذبت، بل أردت أن يقال فلان جرئ، وقد قيل ذلك، ثم ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيديه على ركبتيه وقال: يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلاق الله عز وجل تسعر بهم النار يوم القيامة".
قال: فبلغ هذا الخبر إلى معاوية رضي الله عنه: فبكى بكاء شديداً وقال: صدق الله تعالى وصدق رسوله -صلى الله عليه وسلم- وقرأ هذه الآية:{من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون}[هود: ١٥ - ١٦]، {أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون}[النمل: ٥].
وعن عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يؤمر بناء يوم القيامة من أهل النار إلى الجنة، حتى إذا دنوا منها واستنشقوا رائحتها ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الله تعالى لأهلها نودوا: أن اصرفوهم لا نصيب لهم فيها، فيرجعون بحسرة وندامة ما رجع الأولون والآخرون بمثلها، فيقولون: يا ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثواب ما أعددت لأوليائك، فيقول الله تعالى: ذلك أردت بكم كتم إذا خلوتم بارزتموني بالعظائم، وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين متواضعين، وأجللتم الناس ولم تجلوني، وتركتم للناس ولم تتركوا لي، فاليوم أذيقكم أليم عقابي مع ما حرمتكم من جزيل ثوابي".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لما خلق الله تعالى