القلب بذكر الموت، والتفكير في المعاد، وما يلقى بعد الموت.
وقال رجل للحسن رحمه الله: يا أبا سعيد إني أبيت معافى وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم؟ فقال: ذنوبك قيدتك.
وقال الثوري رحمه الله: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته، قيل: وما هو؟ قال رأيت رجلاً يبكي، فقلت في نفسي: هذا مراء.
وكان الحسن رحمه الله يقول: إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل وصيام النهار.
وقيل: كم من أكلة منعت قيام ليلة، وكم من نظرة حرمت قراءة سورة، وإن العبد ليأكل الأكلة، أو يفعل فعلة فحرم بها قيام السنة، فبحسن التفقد يعرف المزيد من النقصان، وبقلة الذنوب يوقف على التفقد.
وقال أبو سليمان رحمه الله تعالى: لا يفوت أحداً صلاة جماعة إلا بذنب، وكان يقول: الاحتلام بالليل عقوبة، والجنابة البعد.
ومنها: قلة الطعام والشراب، وخلو المعدة منها، لما روى عون بن عبد الله رحمه الله أنه قال: كان في بني إسرائيل ناس يتعبدون، فكان إذا كان فطرهم قام عليهم قائم فقال: لا تأكلوا كثيراً، فإنكم إذا أكلتم كثيراً نمتم كثيراً وإذا نمتم كثيراً صلتم قليلاً.
وقيل: إن كثرة النوم من كثرة شرب الماء.
وقيل: إنه اتفق رأي سبعين صدّيقاً وهم يقولون: إن كثرة النوم من كثرة شرب الماء.
ومنها: أنه يلزم قلبه الهم والغم والحزن ويقظة دائمة، فيحيى بها القلب، ويديم الفكر في الملكوت، ويقيل في النهار، ولا يكثر تعب جوارحه في أمور الدنيا، فإن اختار أن يقوم أول الليل حتى يغلبه النوم، ثم ينام ثم يقوم متى استيقظ، ثم ينام متى غلبه النوم ثم يقوم آخر الليل، فيكون له في الليل قومتان ونومتان، فيكابد الليل فهو من أشد الأعمال وهي حالة الحضور واليقظة والفكر والتذكر، وقيل: إنها من أخلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد يكون للعابد في الليل قومات ونومات في تضاعيف ذلك، وإما أن يكون القيام والنوم موزوناً عدلاً فلا يكون ذلك إلا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فيكون قلبه دائم اليقظة، ووحي من الله سبحانه يؤمر به وينهى ويوقظ وينوم ويقلب ويحرك، خاص له ذلك دون بقية الخلق.