ولما روي عن بلال رضي الله عنه قال:"آذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصلاة الظهر، فقال: أبرد، ثم أذنته ثانية فقال: أبرد، ثم آذنته ثالثة فقال: أبرد، حتى رأيت فيء التلول، ثم قال: إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا".
وبيان معرفة الزوال أن الشمس إذا وقفت فهو قبل الزوال، فإذن زالت أقل القليل فذلك وقت الظهر.
وجاء الحديث "أن الشمس إذا زالت بمقدار شراك فذاك وقت الظهر" فإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقت الظهر وأول وقت العصر.
فإذا أردت أن تعرف ذلك فقس الظل بأن تنصب عموداً، أو تقوم قائماً في موضع من الأرض مستوياً معتدلاً، ثم علم على منتهى الظل بأن تخط خطا، ثم انظر أينقص أو يزيد، فإن رأيته ينقص علمت أن الشمس لم تزل بعد، وإن رأيته قائماً لا يزيد ولا ينقص، فذلك قيامها وهو صف النهار لا تجوز الصلاة حينئذ، فإذا أخذ الظل في الزيادة فذلك زوال الشمس، فقس من حد الزيادة إلى طول ذلك الشيء الذي قست به طل الظل، فإذا بلغ إلى آخر طوله فهو آخر وقت الظهر، فإذا زاد شيئاً يسيراً فقد دخل وقت العصر حتى يزيد الظل طول ذلك الشيء مرة أخرى، فذلك آخر وقت العصر، ثم يبقى وقت الضرورة إلى قبل غروب الشمس.
وكذلك تفعل بقيامك فتعلم على موضع ظللت، فإن نقص علمت أنه لم تزل الشمس، وإن وقف فهو حال القيام، وإن زاد فهو الزوال.
وأما معرفتك المثل بقيامك وطولك، فإن طولك سبع أقدام بقدمك سوى قدمك التي تقوم عليها، فإنك تقوم مستقبل الشمس بوجهك، ثم تأمر إنساناً يعلم طرف ظلك بعلامة، ثم تقيس من عقبك إلى تلك العلامة، فإن كان بينهما أقل من سبعة أقدام سوى ما زالت الشمس عليه من الظل، فتعلم أنك في وقت الظهر، وأن وقت العصر لم يدخل بعد، فإذا زاد الظل على سبع أقدام علمت دخول وقت العصر.