للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشك أنه بعين الله منتصب حيث يراه لقوله تعالى: {الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين} [الشعراء: ٢١٨ - ٢١٩].

ولقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك".

وينوي الصلاة الفريضة بعينها ويصفها بالأداء والقضاء، فهو أولى، ويرفع يديه إلى فروع أذنيه أو حذو منكبيه، وقد بينا صفة ذلك في أول الكتاب.

وهل يضم الأصابع بعضها إلى بعض أن يفرجها على روايتين، وإذا رفع يديه وكبر كأنه رفع الحجاب الذي بينه وبين الله تعالى، فيحصل في المكان الذي لا يجوز التلفت فيه ولا التشاغل عنه، ولعلمه أنه بعين من يرى حركته، ويعلم ما يتلجلج في نفسه، وينطوي عليه سره وقلبه، فينظر موضع سجوده ولا يلتفت يميناً وشمالاً، ولا يرفع رأسه إلى السماء.

وإذا قال: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، علم أنه يخاطب من هو سامع منه مقبل عليه ناظر إليه، ولا يخفى عليه موضع شعرة ولا حركة جارحة عنه.

وكذلك قوله: {إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: ٥ - ٦] يعقل ما يقول ويدري من يخاطب بهذا الخطاب، ولا ينسى مع ذلك الخضوع والتحفظ حذراً من وقوع السهو عليه فيما هو قائم له وماثل فيه، ويأتي بإحدى عشرة تشديدة في الفاتحة، ويحذر اللحن الذي يغير المعنى فيها، فإن قراءتها فريضة، وهي ركن تبطل الصلاة بتركها، ومع ذلك يرى كأنه واقف على الصراط، وأن الجنة عن يمينه بصفتها والنار عن شماله بما فيها، وأنه بصلاته يستنجز ما وعد الله عز وجل بها إذا صحت صلاته من ثواب الجنة، ومستحصن بها من وعيد الله بعقاب النار، كل ذلك بيقن من قلبه، وحضور من عقله، ويعتقد مع ذلك أنه يصلي صلاة مودع لا يشك أنها تعرض على الله تعالى، وأنه لا يصح له منها إلا ما يصح له عند الله فقط، ثم يأتي بقراءة ما يسر من السور الكوامل، وهي أول من قراءة أواخرها وأواسطها، ويكون ناصتاً إلى ما يقرأ متفهماً إلى ما يلفظ ويتلو.

وكذلك إن كان مأموماً ينصت إلى قراءة الإمام ويفهمها ويتعظ بمواعظها وزواجرها،

<<  <  ج: ص:  >  >>